عرب و تحدیات المستقبل، رؤیة و موقف نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
تبدلات هيكلية في البنى الاقتصادية العربية في إطار استراتيجية قومية بعيدة المدى واضحة المعالم وهذا يتطلب: 1ـ الإيمان بوحدة الوطن العربي أرضاً وشعباً ومصيراً وعكس هذا الإيمان على أرض الواقع تخطيطاً مشتركاً وإقامة مشاريع مشتركة والقيام بالتكامل الاقتصادي العربي وجعل التنمية القطرية جزءاً من التنمية القومية وليست بديلاً عنها. 2ـ توظيف كافة الإمكانيات العربية في عملية التنمية هذه بغية إيجاد تكامل اقتصادي عربي يؤسس لتكتل اقتصادي قادر على مواجهة التكتلات الكبرى التي يشهدها العالم. 3ـ الحد من تأثير الخلافات السياسية العربية على عملية التنمية العربية القومية ومشاريعها فلقد واجهت التنمية القطرية صعوبات وإحباطات عديدة ووصلت في بعض البلدان العربية إلى طريق مسدود ويعود ذلك إلى عوامل ذاتية تتعلق بمستوى الأداء إن على صعيد التخطيط والبرمجة أو على صعيد التنفيذ وهذا الأمر يتعلق بالظروف الداخلية لكل بلد عربي وبمستوى إرادته السياسية والاقتصادية كما أن هناك أموراً موضوعية حالت دون نجاح برامج التنمية القطرية وهي تتعلق بنمط التنمية الذي سعت إليه تلك الدول العربية. ولكن بشكل عام فإن جميع برامج التنمية القطرية رافقتها ظواهر تكاد تكون مشتركة: أـ غياب استراتيجية للتنمية واضحة المعالم وما رافق ذلك من اهتمام بالمؤقت الزائل على حساب الدائم والاستراتيجي التي تخص المستقبل العربي كقضية الأمن القومي والأمن الغذائي ومسألة المياه وغيرها. ب- إنها تتم بمعزل عن برامج التنمية في البلدان العربية وهي ليست أكثر من برامج تنموية للإنفاق الاستثماري موزعة على مجموعة من المشروعات غير المترابطة أو ضعيفة الترابط وغير مدروسة وغير مبررة اجتماعياً واقتصادياً كما أن هذه المشروعات قد جرى تحديدها دون دراسة ملائمة لأهميتها وموقعها في القطاع ذات العلاقة وذلك على المستوى القطري والقومي ودون تأمين آلية للتنفيذ والمتابعة مما أدى إلى نمو قطاع على حساب قطاع آخر وكذلك نمو المدينة على حساب المناطق الريفية. ت- أنها ترافقت مع زيادة درجة التبعية نحو الخارج وبدرجات متفاوتة بين دولة وأخرى وبالتالي زيادة انكشاف الاقتصادات العربية على الأسواق الرأسمالية بكل ما تحمله هذه الظاهرة من سلبيات على مستقبل التنمية في الوطن العربي. ث- عدم تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والتحول الاجتماعي وهو التوازن المطلوب دائماً إذ أن الأقطار العربية في تحولها الاقتصادي والاجتماعي عملت على تحقيق معدلات مرتفعة للناتج المحلي دون أن تهتم بتوزيع هذا الناتج على أولئك الذين قاموا بتكوينه وبشكل عادل إذ أن عدالة التوزيع لا تساهم فقط في حسن تنفيذ الخطة بل وفي زيادة جماهيريتها أيضاً. وإذا ما أرادت أن تسير في طريق التنمية الصحيحة فعليها أن توازن بين نموها الاقتصادي وتحولها الاجتماعي(7) وتنظر نظرة جادة إلى مسألة التنمية الاجتماعية على أنها مسألة تتعدى نطاق الرعاية الاجتماعية إلى توضيح الأساس الاجتماعي لعملية التنمية وشروطها والتصدي للعقبات الاجتماعية التي تحول دونها وحل المشكلات الاجتماعية التي تنجم عادة عن الانتقال السريع من المرحلة التقليدية إلى المرحلة العصرية. ج- عدم إيلاء التنمية المستقلة المستديمة الاهتمام الكافي ويقصد بالتنمية المستقلة، تلك التي تقوم على العناصر المحلية وتتوجه نحو الداخل لإشباع حاجات أغلبية السكان بالاعتماد على الذات أما التنمية المستديمة فهي "شكل من التنمية أو التقدم الذي يلبي حاجة الحاضر دون أن يكون ذلك على حساب قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها هي. ح- أغفلت برامج التنمية القطرية مبدأً أساسياً في عملية التنمية وهو الإنسان حيث أن الإنسان هو غاية التنمية ووسيلتها وأنه الأساس والهدف، الإنسان بسلوكياته وقيمه بحاجاته الروحية والمادية المتنوعة والمتغيرة وهو من أكثر الموارد الطبيعية أهمية في عملية التنمية على الإطلاق.