بعد استعراض ما أحدثته وتحدثه التطورات في مجال التكنولوجية وثورة المعلومات في الشخصية الإنسانية. لنا أن نتساءل هل أن هذا الذي حدث للشخصية ينطبق على الإنسان في كل زمان ومكان؟ وبشكل أخص هل هذا الذي تكلمنا عنه يمكن تعميمه على الشخصية عند الإنسان العربي. ليست الثورة في التكنولوجية وفي المعلومات حبيسة حدود جغرافية في بعض بقاع العالم لكن ما نتكلم عنه من أن العالم صغرت المسافات بين أطرافه إلى الحد الذي أمكن فيه الحديث عن القرية الكونية لا يمكننا من إخراج شخصية الإنسان العربي من دائرة هذه المؤثرات وإن كانت ليست هي المؤثرات الوحيدة التي تحدد الشخصية العربية إن على المستوى الفردي أو على المستوى القومي. فلكل بلد ولكل منطقة من العالم ولكل ثقافة من الثقافات ما يميزها عن غيرها... وهذا يعني أن ثمة ظروف أخرى تلعب دوراً هاماً في التغيرات التي تتعرض لها الشخصية.... وربما كانت هذه الظروف متشابهة فيما بين البلدان الأقل نمواً... وهي بلدان ما زال التخلف أحد المحددات التي لا يمكن تجاهلها في مجال التأثير على حياة الإنسان وسلوكه. والتخلف هو نمط من الوجود: "له خرافاته وأساطيره ومعاييره التي تحدد للإنسان موقعه، نظرته إلى نفسه، نظرته إلى الهدف من حياته، أسلوب انتمائه ونشاطه ضمن مختلف الجماعات، أسلوب علاقاته على تنوعها". وأهم الخصائص النفسية التي تعد نتاجاً طبيعياً للتخلف تتمثل في الشعور بالقهر الذي يمارس على الإنسان من الطبيعة ومن الجهات المهيمنة في الداخل وفي الخارج. فإضافة إلى مشاعر القلق والتوتر هناك الشعور بالدونية بالنسبة للآخر إلى جانب الاستسلام للأفكار الغيبية والخرافة وتجنيس إنسانية الإنسان كل ذلك يتبدى في مظاهر سلوكية يمكن تعميمها على نحو ما وإن كانت تختلف من شخص إلى آخر أهمها الكسل، الكذب التخريب وإطلاق النكات. وكلها صفات تعبّر عن الاستسلام في السلوك، لكنه استسلام ظاهري ينطوي على مشاعر عدوانية في الباطن يتبدى في سلوك المداهنة والرياء،