تفرض العولمة نمطها الحياتي يوماً بعد آخر على الأفراد كما على الأمم. وأخطر ما يمكن تتعرض لـه الشخصية الإنسانية نمذجتها. فكما تفرض القوة المهيمنة نظامها وثقافتها بوسائل مسلحة بالتكنولوجيا والمعلومات فهي أيضاً تتحكم بهما. وأهم تحد للإنسان فرداً وجماعة في عالم اليوم هو التحدي المعلوماتي الذي يتعلق أساساً بجمع المعلومات وما يتفرع عنه من تراكم معلوماتي وتنظيم للمعلومات وتصنيفها واختيارها ونقلها. ولا مناص لأي أمة أو شخص من أ جل العيش الحقيقي من دون أن يحصل على المعلومات الدقيقة. وتاريخ البشرية مرتبط بدون فواصل عن وسائل تخزين المعلومات واختيارها ونقلها... وقد كانت جدران الكهوف الحجرية وألواح الصلصال الآشورية ومخططات المصريين البُردية ولفائف الإغريق الورقية أولى عجلات المعلومات التي سجلها أسلاف البشرية، وبعد ذلك كانت الآلة الكاتبة والهاتف والتلغراف فالمذياع والتلفاز والحواسب والفضائيات. . كيف يتكيف الإنسان في العصر الحاضر مع عالم تتحكم في معارفه وتقنياته قوى بربرية؟... عرف الإنسان على مر العصور نماذج من التسلط وفرض نموذج للشخصية يتفق مع عقائد القوى المسيطرة ففي إسبارطة كانت التربية تعتمد على تنميط الناس وفق نموذج واحد يخدم سياسة القوة التي تبنتها دولة إسبارطة. وشاهدنا في العصور الحديثة محاولات شتى تسعى بعض الأنظمة من خلالها إلى نمذجة العالم والأشخاص وفق صورة رسمتها إيديولوجياتها ومصالحها. فقد طمح نابليون من خلال نظامه التربوي الذي أراد فرضه على النشئ الفرنسي وغيره من أبناء الأقطار التي وقعت تحت هيمنته هادفاً من ذلك إلى صنع الناس على صورة واحدة، وكذلك فعلت النظم العنصرية والفاشية وسائر النظم الشمولية وكان الإخفاق النتيجة التي حصدتها... وفي الوقت الراهن، ومنذ أعلن (بوش الأب) بالفم الملآن (نحن الأمريكيون رقم واحد) . أخذ الرقم واحد يصنع عرشه ويمد