أ.فوزي معروف كلمة المستقبل هي الكلمة الأكثر غموضاً في حياتنا العربية، إذ نادراً ما تستخدم بشكل واضح، وإذا تحدثنا عن المستقبل نقول: للمستقبل عدة تسميات فهو عند الضعيف يسمى المستحيل وعند الجبان يسمى المجهول وعند المفكرين البواسل يسمى المثال. كلمة المستقبل والدراسات المستقبلية جديدة إذاً في حياتنا ولعل هذا الإهمال للمستقبل المتجذر في حياتنا وثقافتنا هو سبب الانكسارات والهزائم المتوالية، لأن المستقبل لا يأتي لشخص أو لأمة ما لم يذهب ذلك الشخص وهذه الأمة إليه. والآن ونحن نحاول الحديث عن المستقبل نقول إن سؤال المستقبل مرهون إلى حد كبير بسؤال الماضي والحاضر كما يعبر الدكتور محمد عابد الجابري لأننا حين نطرح سؤالاً عن الحاضر أو عن الماضي يكون الجواب الصحيح عنهما هو هدف مستقبلي. وسؤال الحاضر لماذا تتوالى الهزائم؟ لماذا لم نخرج من التخلف؟ لماذا نحن هكذا؟؟ إن تحديد المسؤولية بخطوطها العامة يعيد الأمور إلى نصابها الحقيقي، إلى محاسبة الذات قبل محاسبة الآخر فقد حان الوقت كي نحدد مسؤوليتنا عما جرى ويجري لنا عما نحن مقدمون عليه... قد حان الوقت كي نكف عن إلقاء مسؤولية كل مآسينا ونكباتنا على الخصم... بعبارة أخرى علينا حين نخطط لمستقبلنا أن نعود إلى أنفسنا لا أن نذهب للآخرين، والعودة إلى النفس تقتضي عدة أمور أرى أن أهمها هي التالية: -التحرر من الإيمان بنظرية المؤامرة. يعيب المفكر المصري (فؤاد زكريا) على العقل العربي خضوعه لفكرة المؤامرة الغربية الأبدية على العرب والإسلام وهي فكرة أقنعتنا واسترحنا إليها لأنها تؤدي في حياتنا إلى نوع من الوظائف المريحة إذ تعفينا من مواجهة عيوننا وبذل أي جهد من أجل إصلاحها كما تعطينا شعوراً بالأهمية الزائفة لأن الغرب مشغول بنا أكثر مما ينبغي، ويرى الدكتور أن من أشد مظاهر الضعف العربي الاستسلام لنظرية المؤامرة وإن المواجهة الحقيقية لأية مؤامرة إنما تكون بالعمل الشاق الدائب، ضمن أجواء ديمقراطية لأن الديمقراطية ليست وسيلة للوصول إلى اتفاق بل هي وسيلة لتنظيم الاختلاف أي كي نعرف كيف نختلف كما يعبر الدكتور نصر حامد أبو زيد. -المعرفة الأكثر للواقع إن ما قدمه السابقون لا يجب أن ينظر إليه على أنه حل للمستقبل لأن المستقبل لا يكمن في الماضي مع اعترافنا أنه جزء مهم ولكننا يجب دائماً أن نفهم الماضي والحاضر كي ننتج حلولاً للمستقبل. وإذا كان الحاضر قد انبثق من الماضي فإن المستقبل يتحدد بصورة أو بأخرى بالواقع الراهن وينبعث منه لأن استشراف أبعاد المستقبل أمر لا علاقة لـه بالرحم أو بالتكهن بل يعتمد على أساليب الاستشراف العلمي التي تقوم على فهم الماضي والحاضر والعوامل المختلفة التي أدت إليهما لذلك فإن الاستشراف العلمي لأبعاد المستقبل يتوقف على كم ونوع المعرفة العلمية المتوفرة عن الواقع.
اللغة بوابة المستقبل
.. إن إحدى البوابات لدخول مستقبل نحلم به هو اللغة العربية لأن الصراعات الكبرى في