- وسائل الاتصال والشخصية: - عرب و تحدیات المستقبل، رؤیة و موقف نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عرب و تحدیات المستقبل، رؤیة و موقف - نسخه متنی

حسین جمعة

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

إن مفهوم الشخصية القومية يبقى مفهوماً مجرداً يرتبط بواقع اجتماعي معين وهو أحد العناصر التي تحدد الشخصية على المستوى الفردي، وهو يفترض نوعاً من الثبات النسبي وأكثر ما تبرز سمات الشخصية القومية في أوقات التحدي الخارجي.

- وسائل الاتصال والشخصية:

سمحت وسائل الاتصال الحديثة وتكنولوجيا المتطورة بانتشار المعلومات والمعارف متجاوزة الحدود والرقابات المحلية.

وقد أثر الانتشار الأفقي للمعارف في الشخصية من حيث أن الثقافة التي تعممها وسائل الاتصال الحديثة ـ كما يقول الطاهر لبيب ـ هي ثقافة العابر، وهي ثقافة لم يعد ممكناً فيها الربط بين الذات والموضوع. وهي ثقافة خفية الاسم لأنها لا مكانية ولأنها بلا ذاكرة فهي ثقافة لا زمانية فليس المطلوب من المتلقي أن يفكر وهذا ما سمح لهذا الباحث أن يصف ثقافة اليوم أنها ثقافة بلا مثقفين. فتحول المثقف من شخص ذي طموح يبني في أحلامه بطولة جماعية لمصير جماعي في عالم خاص من المبادئ والقيم عالم كلي لم يشعر من خلاله أنه يعمل من خلال يوتوبيا ما لأنه كان يظن أن مشروعه التاريخي هو قيد الإنجاز لكنه تحول إلى مثقف تجريبي يحاول أن يكسب فكره شكل المبادرة يمر باستمرار من ثقافة المبدأ إلى ثقافة الرهان... فغدا مثقفاً يلاحق الخطاب السائد في صياغة رأيه فلا هو استطاع أن يحقق المبادرة في تفكيره ولا هو استطاع أن يتخلص من خوفه في أن يفوته قطار الوصول وظل يلهث وراء المؤسسات التي لا يقدر أن يتخلص من سطوتها لأنه ظل كالفراشة التي تحوم حول الضوء.

وسيحترق حتماً قبل أن ينفذ الضوء الذي جذبه نحوه.

استطاعت وسائل الاتصال أن تكسر المسافات فقربتها في الوقت الذي كانت فيه تباعد التواصل بين الإنسان والآخر. فعندما اخترع الإنسان الموجات القصيرة تقاربت المسافات، وبدا الكون ـ كما قال ماكلوهان ـ قرية صغيرة.. وما زلنا نصف كوننا الذي نعيش فيه بهذه الصفة حيث أصبحت لصيقة به، بل تزداد التصاقاً كلما ابتكر الإنسان وسيلة جديدة من وسائل الاتصال... لكن التواصل الإنساني يزداد تراجعاً.

بواسطة الترانزيستور كان الإنسان يتحول ويتصل بالعالم من أي مكان يكون فيه. وعندما دخل التلفاز كل منزل صار الإنسان حبيس منزله فلا تغادر الأسرة منزلها إلى لماماً فازداد التصاق أفرادها بالجهاز السحري وصارت العلاقة بينهم وبينه علاقة أشد حميمية من علاقاتهم بجيرانهم وأصدقائهم.

وبظهور شبكة الإنترنيت أصبح الإنسان حبيس غرفته... وظهرت إلى الوجود تلك الصورة التي تجسد كل تناقضات عصر المعلومات والثورة التكنولوجية أي صورة الإنسان حبيس غرفته وتواصله مع حبيسي الغرف أيضاً عبر الفضاء الإلكتروني في القرية الكونية الجديدة" .

وأدخلت وسائل الاتصال الحديثة عنصراً جديداً جعل حياة الإنسان مسرحاً للتلاعب من خلال الدعاية التجارية التي باتت تلعب دوراً ليس قليلاً في تشكيل سلوكه من خلال التلاعب بالمشاعر والأفكار والذوق. فتحققت من خلال ذلك تعاليم الفيلسوف اليوناني القديم (اريستوبّس) إذ دخلت إلى الحياة المعاصرة من الباب الواسع بحيث أن هدف الإنسان المعاصر صار ممارسة أقصى ما يمكن من المتع والملذات البدنية وصارت السعادة بالنسبة لـه مجموع هذه المتع والملذات.

وعلى الرغم من تبرم الناس عادة من الكم الهائل الذي تعرضه وسائل الاتصال من الإعلانات بخاصة ما يعرض على الشاشة الصغيرة. لكنهم لا يستطيعون مغالبة شعورهم بالحاجة إليها. فمتابعة الإعلانات وفي أحيان كثيرة حفظ عباراتها وترديدها كأغنيات في بعض خلواتهم وجلساتهم. جعل خيال الإنسان مسكوناً بصور تلك السلع على أشكالها وأنواعها، وليس ذلك بالغريب أو المستهجن لأن وفرة الإنتاج تدعو إلى نشوء حالة موازنة تتمثل في الترويج للمنتجات عبر الحركة والصوت والصورة فنشأت من خلال ذلك حالة ثقافية تمثلت في إقبال الناس على شراء بعض السلع وتداولها، لا استجابة لحاجة مباشرة لها بقدر ما صار ذلك نوعاً من المباهاة ومجاراة للموضة... ونشأ ما يسمى بالشراء الخيالي الذي يتمثل بتصورات ذهنية تسبق الشراء الحقيقي. وقادت الوفرة

/ 141