كانت تلك أهم الأساليب التي اتبعتها بعض الأمم لمواجهة الغزو الثقافي عامة واللغوي منه خاصة. أما نحن العرب فلدينا بالإضافة إلى ما سلف أسلوب آخر أهم منها جميعاً، بالنسبة للغتنا وثقافتنا، وهو أسلوب ينطلق من واقعنا الثقافي واللغوي وهو (التعريب). والذي نعنيه بالتعريب هنا هو (تعريب التعليم) دون غيره من مفهومات التعريب المتعددة(6). إننا نرى أن التعريب هو أمضى سلاح لتطوير اللغة العربية وتنميتها مما سيؤدي إلى حفظها وبقائها حية فعَّالة، وبالتالي حفظ الثقافة العربية مستقبلاً، لأنه لا ثقافة عربية دون لغة عربية. يعني تعريب التعليم تدريس العلوم وتقديمها للطلبة باللغة العربية والتأليف العلمي بها. ولئن كان التعريب في مطلع القرن العشرين وسيلة لاستكمال أسباب الاستقلال والسيادة(7)، إنه الآن وفي مطلع القرن الحادي والعشرين وسيلتنا الأكثر فعالية للحفاظ على لغتنا التي هي هويتنا، وصونها من الذوبان في أتون الغزو الثقافي واللغوي العولمي الذي يتهدد الأمم كافة وفي مقدمتها الأمم الأضعف كما هي الحالة العربية اليوم. إن العودة إلى طرح مسألة التعريب بعد العام ألفين والحديث عن مسوِّغاته يجسد مأساة أمة لم توفق في إنجاز أي من قراراتها المصيرية. ففي سنة (1975) أطلقت الجامعة العربية شعار: (العربية لغة العلم عام 2000)، ووضعت مؤسساتها الثقافية وعبر مؤتمرات عدة أكثر من خطة للوصول إلى ذلك الهدف، وها نحن أولاء قد تجاوزنا عام الهدف فماذا كانت المحصلة؟ *تدرس العلوم الأساسية كلياً بالعربية في سورية والسودان وقطر وليبيا. وتدرس كلياً بالأجنبية في الأردن والإمارات العربية المتحدة والجزائر وفلسطين والكويت ولبنان. يدرس بعضها بالعربية وبعضها بالأجنبية في مصر والسعودية والبحرين والعراق وموريتانية. *تدرس العلوم الطبية كلياً بالعربية في سورية والسودان. وتدرس بالأجنبية كليَّاً في الأردن والبحرين والجزائر والسعودية وفلسطين والكويت ولبنان. وتدرس بعض العلوم الطبية بالعربية وبعضها بالأجنبية في العراق ومصر.