تأثير التيارات المعادية في قيم وممارسات الشباب في المجتمع العربي:
إن الهدف الأول للتيارات المعادية هو حمل الشباب على التخلي عن القيم الإيجابية التي يتميز بها، والتأثير في أخلاقه ومثله ومبادئه ومعتقداته، وهي تقوده وبأساليب متعددة إلى اعتماد القيم الضارة والهجينة والدخيلة كالكذب والنفاق والنميمة والتزوير والتعصب والتحيز والطائفية والإقليمية والتخنث والتبرج والتعالي والغرور وغير ذلك... هذه القيم السلبية التي تصدع شخصيات الشباب وتقتل طموحاتهم وتسيء إلى تكيفهم واستقرارهم في المجتمع وتعرِّضهم إلى جملة مشكلات اجتماعية وحضارية ليس من السهولة بمكان مواجهتها والتصدي لسلبياتها وتناقضاتها.. فالتخلي عن القيم الإيجابية كالصدق والأمانة والعفة والنزاهة والشجاعة والثقة العالية بالنفس والتعاون والصراحة والعدالة، إلى غير ذلك، هو الطريق إلى طمس الثقافة القومية وتشويه الذات العربية. "ومما لاشك فيه أن هذه التيارات عندما تؤثر في قيم ومبادئ ومعتقدات الشباب فإنها حتماً ستؤثر في سلوكهم تأثيراً سلبياً نظراً للعلاقة الوثيقة بين المبادئ والقيم والمعتقدات والسلوك". فهي تؤثر في سلوكهم اليومي والتفصيلي إلى حد يخربه ويسيء إليه ويجعله متقاطعاً ومتضارباً مع ما تريده الأمة العربية من شبابها، وهي تعمل بمختلف قنواتها ووسائلها على دفع الشباب للقيام بأفعال وممارسات مدانة تسهم في هدم البناء الاجتماعي للمجتمع العربي وتقويض أركانه الأساسية وتحدي وجوده والنيل من حاضره ومستقبله. فنرى شبابنا وقد اكتسبوا رموزاً يحرصون عليها لأنها من وجهة نظرهم تؤكد تميزهم وتبرز هويتهم، ومن أبسط هذه الرموز التي اكتسبها الشباب هي موديلات الملابس وإطلاق شعر الرأس ومظاهر الطعام وأساليب الكلام المصطنعة. وكثير من المظاهر التي تبدو غريبة للكبار وغير متفقة مع قيمهم، فهي تعبير عن قيم جديدة وتأكيد للاختلاف بينهم وبين جيل الكبار، وهي محاولة لتدعيم الهوة التي تفصل بين الجيلين، وحتى موسيقى الشباب وفنونهم هي الأخرى باتت تصدر عن قيم مختلفة لتعبر عن انطلاقهم وتفتحهم بمضامين أكثر جرأة وتخرج أحياناً عن إطار المقبول. وهكذا نرى أن شبابنا قد تأثروا بهذه التيارات بحيث أخذوا يجمعون بين التيارين العربي والغربي، ومثل هذا الجمع قد يعرضهم إلى الكثير من المشكلات والتحديات.
* تأثير التيارات المعادية في شخصية الشباب في المجتمع العربي:
لا تحاول التيارات التي تستهدف الشباب العربي تفتيت القيم وبعثرتها وتخريب السلوك والمساس بمصداقيته واستقامته فحسب، بل تحاول عبر قنواتها تحطيم الشخصية العربية وإضعافها واستلابها والإساءة إلى عناصرها الأساسية لكي تتحول من شخصية مؤثرة فاعلة وسوية إلى شخصية ضعيفة وهشة ومزدوجة ومريضة. وإذا كانت الشخصية، وهي حجر البناء الأساسي في بناء المجتمع والحضارة، تعاني ما تعانيه من آثار سلبية فإن المجتمع بأكمله سيعاني من الضعف والجمود وعدم القدرة على الرقي والتنمية والتقدم. إن أول ما يقوم به مخططو هذه التيارات هو تشويه الصورة الحقيقية الصادقة للشخصية العربية عبر تاريخها الطويل، فيرسمون لها صورة متخلفة بقيمها ومقاييسها وعناصر ثقافتها، فهي شخصية ضعيفة وبائسة، لا يمكن أن تقود المجتمع وتطوره لأنها تعاني من عقد الازدواجية والاستلاب والضياع، وغير ذلك من الادعاءات الكاذبة والمزيفة، لأن الشخصية العربية غنية عن تعريفها وذكر ما تتسم به من صفات إيجابية عديدة تتجسد في الثقة العالية بالنفس والشجاعة والصراحة والصبر والتعاون والتواضع وحب العمل الجماعي إلى غير ذلك من الصفات اللصيقة بالشخصية العربية، ولذلك فإن هذه التيارات تتعمد تشويه شخصية الشباب العربي من خلال تفتيت عناصرها التكوينية وتحطيم أطرها الفكرية والسلوكية