وتدرس بعض الكليات الطبية بالعربية وبعضها بالأجنبية في ليبيا.
*تدرس العلوم الهندسية بالعربية في سورية والسودان. وتدرس كلياً بالأجنبية في الأردن والإمارات والجزائر وفلسطين وقطر والكويت ولبنان ومصر وموريتانية وتدرس العلوم الهندسية جزئياً بالعربية في السعودية والبحرين والعراق وليبيا.
*تدرس العلوم الإنسانية والاجتماعية بالعربية في السعودية ومصر وسورية والكويت وفلسطين وقطر وليبيا. وتدرس جزئياً بالعربية في الأردن والإمارات والبحرين والعراق ولبنان وموريتانية(8).
وبشيءٍ من التبسيط والتقريب نقول:
*هناك نحو عشرين جامعة تدرس العلوم كلها بالعربية.
*وهنالك نحو عشرين جامعة تدرس العلوم الأساسية والتطبيقية بالأجنبية.
*وثمّة نحو ستين جامعة مزدوجة اللغة، فقد تعرب كلية دون أخرى كما في ليبيان أو مقرر علمي دون آخر كما في مصر والسعودية، وإن كانت الغلبة فيها للتعليم باللغات الأجنبية.
وهكذا يبدو أن الدول العربية لم تستطع الوفاء بالشعار الذي رفعته جامعة الدول العربية منذ ربع قرن. ولا ما أقره مجلس التعاون الخليجي منذ خمس عشرة سنة، وأن التقدم في ميدان تعريب التعليم لم يكن وفق ما أمل المؤملون؛ إذ لا يتجاوز التعليم الجامعي المعرب ثلث التعليم الجامعي في الوطن العربي، على الرغم من عشرات المؤتمرات والقرارات والتوصيات التي صدرت
حول هذا الموضوع بدءاً من قيادات سياسية عليا وانتهاء بلجان خبراء متخصَّصين(9).
وأَيَّاً كانت حصيلة سياسات التعريب في الوطن العربي وأيَّاً كانت العقبات الموضوعية أو المفتعلة التي يُواجهها فلا مناص من الاعتراف أخيراً بأن مستقبل ثقافة عربية أصيلة وفعَّالة ومنتجة هو مرتبط بتعريب التعليم والعلوم ارتباطاً وثيقاً لا انفكاك لعراه.
وللتدليل على أثر التعريب في مستقبل الثقافة العربية، سوف نعرض لمفهوم الثقافة وعناصرها عامة ثم نبيِّن أثر التعريب في كل عنصر منها.
فإذا كان للثقافة مفهومات متعددة عند علماء الاجتماع والفلسفة فلعلَّ أقربها ((أنها مجموعة الأفكار والقيم والمعتقدات والتقاليد وأسلوب الحياة، وكل ما صنعه الإنسان وأنتجه عقله من أشياء مادية ومعنوية، تتوارثها الأجيال أو تضيفها نتيجة عيشها في مجتمع معيَّن)). ويرى بعضهم أن الثقافة للفرد مرادفة للشخصية، وبالنسبة للمجتمع مرادفة للشخصية القومية. أما الموسوعة البريطانية فتصفها بأنها نموذج متكامل للمعرفة الإنسانية والمعتقدات والسلوك.
وعلى هذا فالثقافة العربية هي مجموعة الأفكار والقيم والمعتقدات لدى العرب، وعامة إنتاجهم العقلي العلمي والأدبي، ومجمل إنتاجهم الصناعي والتقاني. وجليٌ أن اللغة العربية هي ركن هذه الثقافة، وهي وعاؤها أيضاً، ولا يمكن أن نسمي أي إنتاج ثقافي عربياً ما لم يكتب باللغة العربية، والدليل على ذلك أن كتاباً مثل كتاب (النبي) لجبران الذي هو من أعظم الكتب انتشاراً في الغرب، لا يُعَدُّ من الثقافة العربية بل يحسب للثقافة الإنكليزية مع أن كاتبه عربي، لسبب بسيط هو أنه كُتب بالإنكليزية. وبالمقابل فإن تراث العلماء المسلمين من غير العرب كابن سينا والبيروني والخورازمي تعد من الثقافة العربية مع أن كتابها ليسوا عرباً، ذلك أنها كتبت بالعربية أصلاً. ومعروفٌ أن الأدب المهجري المكتوب بالعربية هو من صميم الأدب العربي مع أنه كتب بعيداً جداً عن الأرض العربية.
إن مكونات الثقافة ومنها ثقافتنا العربية بحسب ما تقدم تندرج في ثلاثة حقول رئيسية هي:
-المعتقدات والقيم والتقاليد.
-الإنتاج العقلي من علوم وآداب.
-الإنتاج المادي من صناعة وتقانة.
وإننا نرى أنَّ أيَّاً من هذه المكونات