عدة نقاط أساسية منها:
1-تحصين الإنسان العربي عن طريق التربية والتعليم ومواكبته عصر العلم والتقانة وتعزيز الهوية والانتماء القومي:
لا بد أن تتكامل الجهود التربوية بكافة مؤسساتها وهيئاتها في حماية الشباب العربي وتحصينه ضد هذه التيارات الوافدة، ولا يمكن إغفال دور أي منها، وسنتناول في حديثنا دور كل من الأسرة والمدرسة والمنظمات الشبيبية.
* دور الأسرة: لا مجال للشك في تعاظم وأهمية وظيفة الأسرة بوصفها المنبت والمنشأ الأصلي للأفراد، وباعتبارها أصغر الخلايا الاجتماعية وأكثرها خطورةً وفاعلية في عملية التربية، حيث تظهر كأول مؤسسة اجتماعية مسؤولة عن تربية هذا الجيل الناشئ، وزرع القيم والأخلاق والمبادئ في هذه الطاقة الفاعلة منذ نعومة أظفارهم، وهنا تكمن أهميتها في حماية هذه الغراس من الأخطار والمصاعب والتحديات التي تداهمها، وللأسرة دورها الكبير في رفد الجيل الجديد بالخبرات والمهارات وتوجيهه نحو الثقافة والتدريب والتأهيل التي تمكنه من تبوؤ المراكز والأعمال والمهن التي من خلالها يستطيع خدمة المجتمع والإسهام في تحقيق أهدافه، ولكن الأسرة العربية بما تعانيه من صعوبات، وبما تتميز به من ميل للاستسلام والخضوع لما يعرض لها من منبهات ثقافية واجتماعية دون انتقادٍ أو تعديل، وضعف وعيها بطبيعة ومفردات التيارات المعادية الموجهة ضد أبنائها، وجهلها بأصول التنشئة الاجتماعية التي تحصن أبناءها وتحميهم، وغفلتها عن مركزها التربوي والتوجيهي والإرشادي، إضافةً إلى ما تعانيه من مشكلات اقتصادية واجتماعية وثقافية، قد أهملت واجبها المقدس في هذه المرحلة الخطرة -إلا ما ندر -ولم تكن التوعية الأسرية بالمستوى المطلوب والمتناسب مع حجم المخاطر الوافدة.
لذلك وجب التركيز على دور الأسرة في حماية وتحصين الشباب العربي، ودفعها للاضطلاع بدورها الأساسي وإلهام في هذا التحصين، وذلك من خلال التنسيق بين مهامها وممارستها وبين مهام وسياسات وممارسات الجماعات الأخرى كالمدرسة ووسائل الإعلام والمنظمات الشبابية والعمل على توعيتها وزيادة ثقافتها لتستطيع تقدير حجم هذه المخاطر والتحديات.
*دور المدرسة: تعد المدرسة من أهم الجماعات المرجعية التي ينتمي إليها الصغار والشباب، وذلك من خلال دورها التعليمي من جهة والتثقيفي من جهة أخرى، فللمدرسة دورها الهام في ترسيخ القيم الإيجابية عند الجيل والمشاركة في بناء وتقويم شخصيات الشباب وتمرير التراث الحضاري إليهم ليكونوا ممثلين حقيقيين لمجتمعهم وأمتهم، ومن هنا تبرز أهمية هذه المؤسسات في ظل التحديات الراهنة لقيم وشخصيات الشباب العربي. ولكن بنظرة سريعة إلى الهيكل التعليمي في الوطن العربي نجد أن المدرسة تعاني من صعوبات جمة تحول دون القيام بدورها الهام بشكله الأمثل الفعال، فاهتمام المدرسين والمعلمين بتلقين الطلبة المعلومات المنهجية دون الاهتمام بتوسيع وعيهم ومداركهم إزاء الأخطار والتحديات الفكرية والأمنية والأخلاقية والوطنية والدينية المحيطة بهم من جهة، وتقيد المناهج والكتب بالمعلومات والحقائق التقليدية، وابتعادها عن القضايا الإرشادية والتوجيهية الخاصة بالوقاية من الأخطار والتحديات التي تتعرض لها الأمة العربية في المراحل الراهنة من جهة ثانية، والصعوبات والظروف الاجتماعية والاقتصادية والمعنوية المحيطة بالمدرسة من جهة ثالثة. أدى إلى جعلها أقل تحمساً وفاعلية في أداء رسالتها التعليمية والتربوية والفكرية تجاه الأجيال المتصاعدة.
إن التعليم في البلدان العربية مازال يتمسك بمفهوم النظام التربوي الثابت رغم أن مراحل التعليم التقليدية أصبحت في معظم دول العالم تساؤل أو بحث، لذا فإن الوقوف عند معالم التربية العربية من أجل التعديل والتغيير والتطوير، أصبح ضرورة ملحة وفي غاية الأهمية. وانطلاقاً من واقع التربية العربية وجب التركيز على مجمل التغيرات الواجب تحقيقها في النظام التعليمي في معظم دول الوطن العربية وأهم هذه التغيرات تتمثل في ضرورة تحقيق المرونة في النظام التربوي، فالعالم المتغير لا تستجيب لـه إلا تربية مرنة، تحقق الانسجام بين النظام التربوي من حيث محتواه وطرائقه وأطره، وبين حاجات الطلاب المتغيرة وآفاق حياتهم