مذاهب الفقهیة تراث إسلامی ثمین

جعفر السبحانی

نسخه متنی -صفحه : 351/ 77
نمايش فراداده

2ـ المرحلة التي ورد فيها الرخصة بالسجود على نبات الاَرض من الحصى والبواري والخمر، تسهيلاً للاَمر، ورفعاً للحرج والمشقّة، ولم تكن هناك أيّة مرحلة أُخرى توسع الاَمر للمسلمين أكثر من ذلك كما يدّعيه البعض، وإليك البيان:

المرحلة الا َُولى: السجود على الاَرض

1ـ روى الفريقان عن النبيّ الاَكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: "وجُعلت لي الاَرض مسجداً وطهوراً" (1)

والمتبادر من الحديث أنّ كلّ جزء من الاَرض مسجد وطهور يُسجد عليه ويُقصد للتيمّم، وعلى ذلك فالاَرض تقصد للجهتين: للسجود تارةً، وللتيمّم اُخرى.

وأمّا تفسير الرواية بأنّ العبادة والسجود للّه سبحانه لا يختص بمكان دون مكان، بل الاَرض كلّها مسجد للمسلمين بخلاف غيرهم حيث خصّوا العبادة بالبِيَع والكنائس، فهذا المعنى ليس مغايراً لما ذكرناه، فإنّه إذا كانت الاَرض على وجه الاِطلاق مسجداً للمصلّي فيكون لازمه كون الاَرض كلّها صالحة للعبادة، فما ذكر معنى التزامي لما ذكرناه، ويعرب عن كونه المراد ذكر "طهوراً" بعد "مسجداً" وجعلهما مفعولين لـ "جُعلت" والنتيجة هو توصيف الاَرض بوصفين: كونه مسجداً وكونه طهوراً، وهذا هو الذي فهمه الجصاص وقال: إنّ ماجعله من الاَرض مسجداً هو الذي جعله طهوراً (2) ومثله غيره من شرّاح الحديث.

(1)صحيح البخاري: 1|91 كتاب التيمّم الحديث 2 وسنن البيهقي: 2|433 باب: أينما أدركتك الصلاة فصل فهو مسجد، ورواه غيرهما منأصحاب الصحاح والسنن.

(2)أحكام القرآن للجصاص: 2|389 نشر بيروت.