ونجد في شعر "جرير" الذي نقض على الفرزدق قصيدته المذكورة، وفي شعر "سراقة" البارقي، ذكراً لأسماء بعض الشعراء الجاهليين إذ يقول:
واذكر لبيداً في الفحول وحاتماً=يلومك الشعراء إن لم تفعل ومُعقِّرا فاذكر وإن ألـوى بـه ريب المنون وطائر بـالأخـيل
وجمع رواة الشعر شعر الشعراء الجاهليين وأخبارهم من موارد متعددة، من الشعراء انفسهم، مثل الحطيئة الذي ادرك الإسلام، ومثل حسان وبقية الشعراء، وبما حفظوه من شعرهم، وبما استحسنوه من اشعارهم، كما مونوهم بأخبارهم التي بقيت عالقة في اذهانهم عن الجاهلية، وعن ايامهم في الإسلام. كما جمعوا اخبارهم من أبناء الشعراء الجاهليين ومن ذوي رحمهم وآلهم، ونجد في كتب الأخبار والأدب أخباراً كثيرة من شعراء جاهليين، نقلها الرواة من ابناء أولئك الشعراء، أو من ذوي قرابتهم، فقد جاء قسط كبير من شعر الشاعار "تميم ابن مقبل" عن ابنته أم شريك، وجاء جزء من شعر "حاتم" وأخباره عن ابنه "عدي".
وأخذ الرواة شعر الشعراء الجاهليين من قبائلهم كذلك، فقد كان القبيلة من يحفظ شعر شعرائها أو شعر البارزين منهم. وقد رأينا كيف استعزت تغلب بقصيدة "عمرو بن كلثوم"فكانت ترددها دوماً حتى عيبت على ذلك، وكان في القبائل الاخرى من حفظ شعر شعرائها، ونجد كتب الأدب والأخبار تنص على اسمائهم، فتذكر اسم الشخص، وتنص على اسم قبيلته، وقد تذكر جملاً مثل "سمع أشياخاً من طئ"، أو "حدثني الطائيون"، وأمثال ذلك، من جمل تنص على أسم المورد الذي استقى منه الرواية خبره أو شعر الشاعر من القبيلة.
كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة "276ه"، اسماء شعراء جاهليين، وقد أخذا علمهما بهم ممن تقدم عليهم فألف قبلهم في موضوع الشعر والشعراء، ودون "اليعقوبي" في تأريخه جريدة بأسماء شعراء العرب، وقد جعل أولهم "امرئ القيس"، وذكر "النابغة" الذبياني بعده، وانتهى بالمخضرمين، ولكنه لم ينص على اسم المورد الذي أخذ تلك الاسماء منه.