وقد تكلف الناس كثيراً، وحملوا أنفسهم حملاً ثقيلاً، باعتذارهم عن امور متكلفة وردت في شعر زعم انه كان للقدماء من الشعراء، فالتصريع مثلاً، إذا كثر استعماله في القصيدة دل في نظر العلماء بالشعر على التكلف، إن كان من المحدثين، أما إذا كان من المتقدمين، فلا يعد متكلفاً في نظرهم، واعتذروا عنه بأنه جرى على عادة الناس، لئلا يخرج عن المتعارف. ومن هذا القبيل التصريع المنسوب إلى امرئ القيس:
ونسبوا إلى "امرئ القيس" "المسمط" من الشعر. والشعر المسمط الذي يكون في صدر البيت أبيات مشطورة أو منهوكة مقفاة، وتجمعها قافية مخالفة لازمة للقصيدة حتى تنقفي. وقيل: أبيات مشطورة تجمعها قافية واحدة وهو الذي يقال له عند المولدين "المخمس". ومن انواعه المسبع والمثمن، وقيل المسمط من الشعر ما قفى أرباع بيوته وسمط قافية مخافة. يقال: قصيدة مسمطة وسمطية. ومن الشعر المسمط المنسوب إلى امرئ القيس قوله:
ونسب له قوله:
وتعرض "المعري" للتسميط في رسالة الغفران، حين التقى بامرئ القيس ، فسأله: "أخبرني عن التسميط المنسوب إليك، أ صحيح هو عنك ؟ وينشده الذي يرويه بعض الناس:
فيجيب "المعرى" على لسانه بقوله: "لا والله ما سمعت هذا قط، وإنه لقرى لم اسلكه، وان الكذب لكثير، وأحسب هذا لبعض شعراء الإسلام، ولقد ظلمني وأساء إلي! أبعد كلمتي التي أولها:
وقولي:
يقال لي مثل ذلك؟ والرجز من أضعف الشعر، وهذا الوزن من أضعف الرجز".
ونسبوا اليه كثرة التصنع في غير أول القصيدة، وكثرة استعمال الضرب المقبوض في الطويل، وكثرة الأقواء في القافية. ويعد الاقواء من عيوب الشعر، غير أننا لا نستطيع مجاراة علماء العروض في هذا الرأي، إذ يجوز ألا يكون الاقواء عيباً عند أهل الجاهلية وانما صار عيباً في الإسلام، بعد تثبيت قواعد اللغة والبحور. ونجد الرأي مثبتاً في رسالة الغفران.