قراءة شعر المتنبئ أو قصيدة إمرء القيس عبارة عن إيجاد فرد من تلك الالفاظ المنسبقة على النهج الخاص الممائل لما صدر منه بقصد الحكاية عن الطبيعي فكذا في القرآن .
و نظير المقام ما لو سألك احد عن العصفور مثلا و انه اي شيء و لم يره طيلة عمره فأخذت عصفورا بيدك و أريته و قلت هذا العصفور فانك قصدت بذلك اراءة الطبيعي الذي وضع له هذا اللفظ باراءة هذا الفرد ، فقد حكيت عن الطبيعي باراءة المصداق ، لا أن لفظ العصفور موضوع لفرد معين و قد اريته باراءة هذا الفرد .
و على الجملة : فلا نعقل لقصد القرآنية معنى آخر وراء هذا و ليس ذلك من استعمال اللفظ في اللفظ لعدم خصوصية فيه ، و انما هو حكاية عن الطبيعي بإيجاد الفرد المماثل كما عرفت هذا .
و من المعلوم ان الحكاية عن ذاك الطبيعي بالاضافة إلى قصد المعنى من خبر أو انشاء تكون لا بشرط سواء فسرنا الانشاء بإيجاد المعنى باللفظ كما عليه القوم ، أو بمعنى آخر إذ لم تتقيد بعدمه بالضرورة فإذا اقترنت الحكاية المزبورة بقصد المعنى كان هناك استعمال للفظ في معناه زائدا على الحكاية و إلا فهي حكاية صرفة و ليست من الاستعمال في شيء .
و عليه فلا مانع من اداء المقاصد بالحكاية عن القرآن كغيره من شعر و نحوه سواء أ كانت خبرية كما لو أردت الاخبار عن مجئ رجل من أقصى البلد فقلت جاء رجل من أقصى المدينة ، ام كانت إنشائية كما لو أردت انشاء الحمد أو الخطاب بقولك ، الحمد لله رب العالمين أو إياك نعبد و هكذا .