بحاضر المنطقة ومستقبلها، وهو الأمر الذي ينبغي أن يتم التوقف عنده طويلاً في التحليل والتقدير والتدبير، عند التفكير بالتغيير وإعادة قولبة الفكر والتنظيم والأنظمة والتوجهات والتربية، في إطار التغيير والتطوير المطلوبين. ومن يعتقد بأن على سورية أن تعنى بشؤونها فقط على نمط سياسي عربي شاع ويشاع: " سورية أولاً" و.. ينبغي أن يدرك أن سياسة " أنا أولاً " لن تبقي على أحد منا ، لأنها ستجعلنا بالنتيجة نتسابق كالفَرَاش على الاحتراق في نار يشعلها لنا الأعداء. ومن يرى أن على سورية أن تتوقف عند موضوع الجولان وتعطي ظهرها لفلسطين ولبنان والعراق وكل ما يتعلق بالفكر القومي والهم القومي والحلم القومي.. يؤسس لخسارة كبرى على الصعيد الوطني والقومي، ولوهم كبير يوحي بـ "الازدهار" ويجلب الإفلاس والدمار. ذلك لأن "الازدهار" حين يزحف علينا: سلعاً متنوعة تغري بالاستهلاك وتلغي ما يجب أن نقيم من إنتاج، وفرصاً تتاح لأفراد على حساب المجموع، ولقطر على حساب الأمة، ولمعدة على حساب الروح.. سوف يجعلنا نزحف على ركبنا وأيدينا نطلب الرحمة بعد حين.. هذا إذا بقي لدينا وعي بذاتنا وشعور بمن نحن.. أما إذا جعلنا ذلك الزحف نفقد هذا الشعور، فسوف يكون قد وصل منا الغاية القصوى و"أراحنا" من الشعور: من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام ومن يريد لسورية هذا الدور فإنما يدعوها لأن تعيش وهماً ويعيش هو وهما أيضاً، ولا يقدر تقديراً كافياً ولائقاً دور سورية القومي وموقعها التاريخي والسياسي والوجداني في ضمير الأمة العربية وذاكرتها التاريخية، ولا ما ينبغي أن تكون عليه ولا تأثير ذلك مستقبلاً على الصعد والقضايا جميعهاً. فإذا لم تحم سورية مشروعها ومكانتها ودورها في المنطقة فوجودها ذاته وليس حضورها فقط، مهدد، والمشروع النهضوي العربي مهدد في الصميم لأنها في صلبه، بله ما يتصل بقضية فلسطين والوقوف بوجه الهيمنة الصهيونية المتنامية، والمشاريع الإمبريالية التوسعية الزاحفة بأقنعة عدة. وقد علمتنا تجاربنا واستقراءات التاريخ أنه من هذا البلد وفيه وبمشاركة أساسية منه، تنطلق المقاومة والنهضة والدعوة لبناء المشاريع العربية الكبيرة وأحيانا لإحباطها عندما يوظف دوره توظيفاً سلبياً، وعلى السوريين والعرب أن يدافعوا عن هذا الأمل الحلم.. والحلم الأمل وينموه. دمشق في 23/1/2003 شباب المقاومة إلى شباب الروح العربية حسن نصر الله، وشباب المقاومة: مبارك عيد الأمة، ومبارك نصر المقاومة الذي صنعتموه عيداً للأمة، وتهنئة للأسرى المحررين بالحرية، ونداء من أجل تحرير آلاف الأسرى والمعتقلين في سجون العدو الصهيوني في فلسطين.. علينا ألا ننسى أشقاءنا الذين ضحوا من أجلنا، ودخل بعضهم المعتقل شاباً وخرج منه كهلاً أو شيخاً.". الشباب مستقبل الأمة ورصيدها والأساس المتين الذي يقوم عليه كل بناء تبنيه وهو الذي يحقق التطلع الذي تبتغيه، فيه يتعين نوع حضورها بين الأمم ونوع أدائها على طريق التقدم، وعلى قدرات الشباب وطاقاته المادية والروحية يتوقف الأداء بإبداع في كل مجال من مجالات الحياة والعمل والعلم، ولاسيما مجال المقاومة ومواجهة تحديات العصر والأمم. وإذا كانت أمتنا تعاني في وضعها الراهن من مشكلات صعبة وأزمات حادة واحتلال وتهديد مباشرين، وتعيش أوضاعاً فيها من البؤس والتردي الكثير الكثير، فإن انعكاس ذلك يكون شديداً على الشباب وتزداد وطأته شدة على مستقبلهم وعلى سبل خروجهم من أزماتهم وإخراج الأمة من أزماتها؛ إذ كيف يكون وضع أمة، إذا كانت مشكلاتها في شبابها، وكيف تتحدد معالم المستقبل لها ولهم إذا كان الضياع أو الإحباط يسيطران على النفوس والسياسات والرؤى والممارسات والتطلعات والاهتمامات والآمال التي لها ولهم، وتجعلهم يغرقون في الراكد من الأحلام والأوضاع الآسنة ؟! شبابنا الذي يتردى في الكثير من المهلكات، ويجعلنا نعيش حالة من الأرق بسبب همته واهتماماته، هو الذي أفرز نوعاً من الشباب يشعل نفسه ليضيء الطريق، ويبعث في الأمة الأمل بتضحيته النوعية من أجلها، وأعني به جيل الاستشهاديين والأسرى والمعتقلين في سجون العدو المحتل والمقاومين المؤمنين بحقهم وبنصر الله لهم، من الذين يتصدون للعدو باللحم والدم المتمسكين بروح الإيمان.. وأولئك هم الذين وفروا ببطولاتهم وتضحياتهم وإيمانهم أسباب الصمود الرائع لشعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة، وهم الذين ردوا قبل