سنين. والأول أصح. وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبد الله بن مسعود حين آخى بين المهاجرين، ولما آخى بين المهاجرين والأنصار آخى بينه وبين سلمة بن سلامة بن وقش وكان رضي الله عنه من الولد -فيما حكاه بعضهم- عشرة، وهم: عبد الله وعروة ومصعب والمنذر وعمرو وعبيدة وجعفر وعامر وعمير وحمزة. وكان الزبير رضي الله عنه أول من سل سيفاً في سبيل الله، وذلك أنه نفخت فيه نفخة من الشيطان: " أخذ رسول الله عليه الصلاة والسلام"، فأقبل يشق الناس بسيفه، والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة، فقال له رسول الله: مالك يا زبير؟ قال: أخبرت أنك أخذت! فصلى عليه ودعا له. وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الزبير ابن عمي وحواريي من أمتي". وقال: "لكل نبي حواري، وحواريي الزبير". وسمع ابن عمر رضي الله عنه رجلاً يقول: " أنا ابن الحواري" ، فقال إن كنت ابن الزبير وإلا فلا. وذكر في معنى "الحواري": الخالص، وقيل الخليل، ولذلك قال جرير: أفبعد مقتلهم خليل محمد ترجو القيون مع الرسول سبيلا وقيل: الحواري: الناصر. وقيل: الصاحب المستخلص. وجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه للزبير مرتين: يوم أحد ويوم بني قريظة، فقال: "ارم فداك أبي وأمي!". قال أبو عمر ابن عبد البر: وكان الزبير تاجراً! مجدوداً في التجارة، قيل له يوماً: بم أدركت في التجارة ما أدركت؟ فقال: لأني لم أشتر غبنا ولم أردد ربحاً والله يبارك لمن يشاء. وروي عن كعب قال: كان للزبير ألف مملوك يؤدون إليه الخراج فما يدخل بيته منه درهماً واحداً. يعني أنه كان يتصدق بذلك. وكان سبب قتله رضي الله عنه أ،ه لما انصرف من وقعة الجمل وفارق الحرب مر بالأحنف فقال: هذا الذي جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم بعضاً ثم لحق ببيته! ثم قال للناس: من يأتيني بخبره؟ فقال عمرو بن جرموز: أنا. وقيل: إن الزبير لما انصرف نزل بعمرو بن جرموز، فقال له: "يا أبا عبد الله، جنيت حرباً ظالما أو مظلوما ثم تنصرف! أتائب أم عاجز؟ " فسكت عنه الزبير، ثم عاوده، فقال: ظن في كل شيء غير الجبن. فانصرف عنه ابن جرموز وهو يقول: " والهفى على ابن صفية! أضرمها ناراً ثم أراد أن يلحق بأهله! قتلني الله إن لم أقتله!" ثم رجع إليه كالمتنصح، فقال: "يا أبا عبد الله دون أهلك فيافٍ، فخذ نجيبي هذا وخل فرسك ودرعك، فإنهما شاهدان عليك بما نكره". وأراد بذلك أن يلقاه حاسراً، ولم يزل به حتى تركهما عنده وأخذ نجيبه، وسار معه ابن جرموزٍ كالمشيع له، حتى انتهيا إلى وادي السباع، فاستغفله ابن جرموز وطعنه. وقيل: إنه اتبعه إلى الوادي فقتله وهو في الصلاة. وقيل: بل قتله وهو نائم. وفي ذلك تقول عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل العدوية زوجته ترثيه: غدر ابن جرموزٍ بفارس بهمة يوم اللقاء وكان غير معرّد يا عمرو لو نبّهته لوجدته لا طائشاً رعش الجنان ولا اليد كم غمرةٍ قد خاضها لم يثنه عنه طرادك يا ابن فقع القردد ثكلتك أمّك إن ظفرت بمثله فيما مضى ممّن يروح ويغتدي والله ربّك إن قتلت لمسلما حلّت عليك عقوبة المتعمّد قال: فلما رجع برأسه وسلبه قال له رجل من قومه: "فضحت والله اليمن أولها وآخرها بقتلك الزبير رأس المهاجرين وفارس رسول الله صلى الله عليه وسلم وحواريه وابن عمته! والله لو قتلته في حرب لعز ذلك علينا ولمسنا عارك! فكيف في جوارك وحرمك؟ ! " قال: وأتى ابن جرموزٍ علياً، فقال لحاجبه: استأذن لقاتل الزبير. فقال علي رضي الله عنه ائذن له وبشره بالنار، قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بشر قاتل ابن صفية بالنار! فقال ابن جرموز: أتيت عليّاً برأس الزبي ر أرجو لديه به الزّلفه فبشّر بالنار إذ جئته فبئس بشارة ذي التّحفه وسيان عندي قتل الزّبير وضرطة عيرٍ بذي الجحفه