الديار المصرية في سنة إحدى وثمانين وستمائة. وكان سبب وفاته أنه طلع له دمل في حلقه فبظه فمات منه في شهر ربيع الأول من السنة. فكانت مدة ملكه نحو أربع عشرة سنة. وخلف منكوتمر من الأولاد تسعة، وهم ألغى وأمه ججك خاتون وكان لها حرمة وبسطة لأنها من الذرية القانية، وبرلك، وصراي بغا، وطغرلجا، وتلغان وتدان وطفطا وهو الذي ملك البلاد فيما بعد، وقدان، وقطغان. وكان له منكوتمر من الإخوة لأبيه تدان منكوا، وأدكجي؛ وتدان منكوا أكبرهم. فدفع تدان منكوا أولاد أخيه عن الملك واستقر هو في الملك بعد أخيه منكوتمر. ملك تدان منكوا بن طغان بن باطوخان ابن دوشي خان بن جنكزخان ملك البلاد الشمالية بعد وفاة أخيه في شهر ربيع الأول سنة تسع وسبعين وستمائة. وقيل إنه جلس في جمادى الآخرة سنة ثمانين. وهو السادس من ملوك هذه المملكة. وكان السلطان الملك المنصور قلاوون صاحب الديار المصرية والبلاد الشامية قد أرسل رسلا إلى منكوتمر وهما شمس الدين سنقر الغتمي، وسيف الدين تلبان الخاص تركي؛ وسير معهما ستة عشر تعبية من القماش النفيس لمن يذكر: الملك منكوتمر، وأدكجي، وتدان منكو، وتلا بغا، ونوغاي؛ وكان قد تقدم عنده. وما هو للخواتين من الأقمشة وهن: ججك خاتون وإلجي خاتون وتوتكين خاتون، وبدارن خاتون وسلطان خاتون وخطلوا خاتون. وما هو للأمراء وهم: الأمير مادوا أمير الميسرة، والأمير طبرا أمير الميمنة. وما هو لقيالق زوجة ايلجي. وما هو للسلطان غياث الدين صاحب الروم وكانت هدية جليلة من الأقمشة والتحف والقسي والجواشن والخوذ. فلما وصلا وجدا منكوتمر قد مات، وجلس تدان منكوا في الملك، فقدموا له الهدية فقبلها. واستمر تدان منكوا في الملك إلى سنة ست وثمانين وستمائة، فأظهر الزهد والتخلي عن النظر في أمور المملكة وصحب الفقراء والمشايخ وقنع بالقوت، فقيل له: إن المملكة لا بد لها من ملك يسوس أمورها، فنزل عن الملك لتلابغا. ملك تلابغا بن طربوا بن دوشي خان ابن جنكزخان ملك البلاد الشمالية بعد تزهد تدان منكوا في سنة ست وثمانين وستمائة، وهو السابع من ملوك هذه المملكة. فلما ملك تجهز بعساكره لغزو الكرك واستدعى نوغيه بن ططر بن مغل بن دوشي خان، وهو الذي قلعت عينه في حرب هولاكو كما ذكرناه. وأمره بالمسر بمن معه من التمانات، فسار إليه وتوافيا في المقصد، وشنوا الغارة على بلد كرك ونهبوا وقتلوا وعادوا وقد اشتد البرد وكثرت الثلوج، ففارقهم نوغيه بمن معه وسار إلى مشاتيه، فوصل سالما. وسار تلابغا، فضل عن الطريق فهلك جماعة ممن معه واضطره الحال إلى أن أكل أصحابه دوابهم وكلاب الصيد ولحوم من مات منهم لشدة ما نالهم من الجوع. فتوهم أن نوغيه قصد له المكيدة فأضمر له السوء، وكان ذلك سبب قتله. مقتل تلابغا كان مقتله في سنة تسعين وستمائة وذلك أنه لما عاد من غزو الكرك اجتمع على الإيقاع بنوغيه، ووافقه على ذلك من انتمى إليه من أولاد منكوتمر. وكان نوغيه شيخا مجربا له معرفة وممارسة بالمكائد، فنمى الخبر إليه فكتمه، ثم أرسل تلابغا يستدعي نوغيه وأظهر له احتياجه إلى مشورته وأخذ رأيه، فراسل نوغيه والدة تلابغا وقال لها: إن ابنك شات وإنني أحب أن أبذل له النصيحة وأعرفه بما يعود عليه نفعه من مصالح ملكه، ولا يمكن أن أبديها له إلا في خلوة يجب ألا يطلع عليها سواه، وأختار أن ألقاه في نفر يسير. فمالت المرأة إلى مقالته وأشارت على ابنها بموافقته والاجتماع به وسماع ما يقول. ففرق تلابغا عساكره التي كان جمعها وأرسل إلى نوغيه ليحضر عنده، فتجهز بجميع من عنده من العساكر وأرسل إلى أولاد منكوتمر الذين كانوا يميلون إليه، وهم طقطا برلك وصراي بغا وتدان باللحاق معهم. ثم سار مجدا فلما صار بالقرب من مقام تلابغا الذي تواعدا أن يجتمعا فيه ترك العسكر الذي معه وأولاد منكوتمر طقطا وإخوته كمينا واستصحب معه نفرا يسيرا، وتوجه نحو تلابغا، فصار تلابغا لتلقيه ومعه من