حدیث الانطلاق

حمید الانصاری

نسخه متنی -صفحه : 133/ 77
نمايش فراداده

الثورة الثانية : احتلال وكر التجسس الامريكي في ايران :

ادى نجاح الانتخابات ومشاركة الجماهير الواسعة فيها الى تبديد الاماني الامريكية الموهومة في قرب سقوط النظام الاسلامي ، والذي كانت تكرر الاعلان عنه عبر وسائل الاعلام الغربية وعبر البيانات التي كانت تصدرها التيارات المعادية للثورة في الداخل . ولم تمتنع امريكا واوروبا من النزول عند مطالب الشعب والحكومة الايرانية المشروعة باسترداد الاموال والموجودات الايرانية المجمدة في تلك البلدان التي تقدر باكثرمن 22 ملياردولار فحسب ، بل انها وضعت امكانات واسعة تحت تصرف اقطاب النظام الملكي البائد اللاجئين لديها ، لتوظيفها في مواجهة النظام الاسلامي الفتي . وقد اثارت هذه التحريكات الامريكية والممارسات العدائية للبيت الابيض غضب الشعب . ففي عام 1979 وعلى اعتاب الذكرى السنوية لنفي الامام الخميني الى تركيا ( 4 تشرين الاول ) شاع خبر اللقاء السري بين بازركان وبريجنسكي ( مستشار الامن القومي الامريكي ) والذي جرى في الجزائر ، مما دفع مجموعة من الجامعيين المسلمين الثوريين - الذين اطلقوا على انفسهم اسم ( الطلبة الجامعيين السائرين على نهج الامام الخميني ) باحتلال السفارة الامريكية في طهران وبعد القضاء على مقاومة حرس السفارة ، قاموا بالقاء القبض على الجواسيس الامريكان . ثم عكفوا بعدها على نشر الوثائق التي عثروا عليها في السفارة الامريكية في خمسين كتاب سميت “ وثاثق وكر التجسس الامريكي في ايران “ وقد كشفت هذه الوثائق الدامغة النقاب عن اسرار الجاسوسية الامريكية والتدخلات التي قامت بها الادارة الامريكية في مختلف نقاط العالم واعلنت اسماء العديدين من الرابطين والجواسيس لامريكا ومختلف اساليب الجاسوسية والتحركات السياسية لامريكا في مناطق العالم المختلفة . لقد كان احتلال سفارة امريكا - والتي عرفت لدى الجماهير الايرانية الثائرة بوكر التجسس - عملا مذلا للحكو مة الامريكية

بعد يوم واحد من احتلال السفارة الامريكية قدمت حكومة السيد بازركان استقالتها وقبلها الامام بعد ان توقع بازركان رد فعل اخر من الامام يتمثل في ضغطه على الطلبة الجامعيين لاخلاء السفارة الامريكية ، غير ان الامام الخميني قبل استقالة الحكومة فور تقديمها غير مفرط بهذه الفرصة السانحة والتي ستتيح له دفع الثوريين الى سدة السلطة وكف ايدي التيار المحافظ الذي عرض البلاد خلال مدة قصيرة الى خطر اعداء الثورة نتيجة اسلوبه الضعيف في التعامل مع الاحداث . دعم الامام الخميني حركة الطلبة الجامعيين الثورية وعد عملهم ثورة تفوق في اهميتها الثورة الاولى . والحق انها كذلك . فقد كانت امريكا تقف الى جانب النظام الملكي في الثورة الاولى وكانت تعلن رسميا عن مواجهتها وعداءها للثورة الاسلامية ، في حين ان الوثائق المصادرة من وكر التجسس الامريكي كشفت النقاب عن الدسائس التي حبكت ضد الثورة في الخفاء وفضحت عملاءها في الداخل .

بعد احتلال السفارة الامريكية حاولمت امريكا وبمختلف الطرق والاساليب دفع ايران الى الانسحاب عن موقفها فقامت بفرض الحصار الاقتصادي والسياسي رسميا على ايران من قبلها ومن قبل من يدور في فلكها ، وابتدأت الجماهير مرحلة مواجهة الحصار الاقتصادي والسياسي مستندة الى توجيهات الامام الخميني دون ان تفكر في الاستسلام . وفشلت عملية اطلاق سراح الرهائن الامريكان وبشكل اعجازي بعد تحطم الطائرات الامريكية في صحراء طبس .

في الرابع والعشرين من نيسان 1980 م قامت ست طائرات سمتية من طراز C130 من بالهبوط في احدى القواعد الامريكية السابقة في صحراء طبس الواقعة شرقي ايران ، وقد وقعت هذه الحادثة خلال رئاسة ابو الحسن بني صدر .

وكان المقرر ان تقوم تلك الطائرات - بعد التزود بالوقود ووصول سمتيات خاصة بذلك النوع من العمليات - بالتحليق نحو طهران ، ثم تقوم - وبالتعاون مع بعض العملاء المخفيين - بقصف منزل الامام الخميني والمراكز الهامة الاخرى ، غير ان عاصفة هبت في الصحراء مما اجبر بعض الطائرات على العودة الى حاملة الطائرات ( نيميتس ) واضطر الباقيات الى الهبوط الاضطراري في الصحراء ، ونتيجة لسوء الظروف التي حاولت فيها الطائرات الهبوط ارتطمت احداها بطائرة اخرى فانفجرت كلتاهما ، وبالنتيجة قتل في هذه الحادثة ثمانية اشخاص من العسكريين الامريكان الغزاة واضطر جيمي كارتر رئيس الولايات المتحدة الى الاعلان عن ايقاف العمليات الفاشلة(8) .

8 - بعد هذه الاحداث ، نشرت كتب عديدة في الخارج ، وقد تمت ترجمة البعض منها الى اللغة الفارسية ويمكن من خلالها الوقوف على الاحداث والاهداف غير المعلنة ومدى الفضيحة التي لحقت بالبيت الابيض ن . ك " الهدف " طهران " تأليف جو ليتو غيزا ، ترجمة سهرابي ، الدار الجديدة 1983 م - " الازمة " هميلتون جرون ، طبع دار الكتاب 1983 م ، " امريكا في القيد " سالينجر ، طبع دار الكتاب 1983 ، و" 444 يوم " تيم ويلز ، ترجمة ابو ترابيان ، طبع درا الثقافة رجا 1978 م .