حدیث الانطلاق

حمید الانصاری

نسخه متنی -صفحه : 133/ 89
نمايش فراداده

وقد قاد الامام الخميني عملية الدفاع المقدس في ظروف كانت ايران تعاني رسميا من الحصار التسليحي من قبل امريكا واوروبا ، وكانت مضطرة احيانا للعمل لعدة اشهر من اجل الحصول على قطعة غيار واحدة لاحدى طائراتها . ان الكثير من دول العالم اما انها اختارت السكوت في مقابل تلك الاعتداءات ومارست الضغط على ايران ، او انها وقفت رسميا الى جانب صدام ودافعت عنه . كما ان اكثر الدول المصنعة للسلاح في العالم سواء شرقية كانت او غربية دعمت صدام ووقفت الى جانبه .

ووقفت ايران وحيدة فريدة للدفاع عن نفسها ،ولم يكن للشعب من دعامة يستند اليها غير الايمان بالله والايمان بالامدادات الغيبية وارشادات هذا العالم الرباني . والعجيب ان هذه الجبهة المظلومة والوحيدة تمكنت في النهاية من تحقيق النصر وتعقب العدو قدما بقدم حتى عقر داره . وتجدر الاشارة الى انه وفي العام الثالث للحرب ، وبعد نجاح عمليات بيت المقدس الكبرى والتي انتهت بتحرير ميناء خرمشهر الاستراتيجي من ايدي القوات العراقية ، ابدى الامام رغبته في ضرورة انهاء الحرب والدفاع في تلك الفترة ، الا ان مسؤولي النظام الاسلامي الملتزمين ، بما في ذلك القادة العسكريون والمسوولون السياسيون في البلاد ، اعربوا للامام - بعد دراسة جميع الظروف السياسية والعسكرية في البلاد واوضاع الجبهات - عن اعتقادهم بضرورة مواصلة الدفاع حتى تحقيق الظروف المناسبة لاقامة سلام دائم . وقد اشاروا الى ان قسما من الاراضي الايرانية ما زال تحت احتلال القوات العراقية المعتدية ، كذلك فان صدام ورغم تعرضه الى هزيمة ساحقة بعد تحرير خرمشهر ، لم يكن مستعدا بعد للقبول بالحقائق والتراجع عن اهدافه التوسعية ، فهو لم يكن يفكر بالسلام وانما كان يفكر ونتيجة لاعتماده على الدعم اللامتناهي الذي وفرته له الدول الكبرى - بجبران هزيمته ، وذلك عبر اعادة تسليح قواته ومعاودة الهجوم العسكري على ايران ، لذا فان السلام في ظروف كهذه لا يمكن الاعتماد عليه . وان صدام لايزال مصرا على ادعاءاته السابقة . عليه فان ايقاف الحرب من جانب ايران ، سيجعل المدن المحررة والمناطق الحدودية ، عرضة للهجمات العراقية المحتملة في المستقبل وسيجعلها غير قادرة على الدفاع عن نفسها .

على اية حال ، فاستناد ا للاستدلال السابق مضافا الى ما كانت تمارسه التنظمات الدولية من الكيل بمكيالين ، وعدم قبولها بالشروط الايرانية المنصفة لانهاء الحرب ، ومواصلة القوى الكبرى دعم وتقوية الماكنة العسكرية العراقية ، كلها كانت اسبابا دفعت القائد والشعب الايراني الى القبول بمواصلة الدفاع المقدس .

ثمانية اعوام من حياة الامام الخميني مرت في قيادة هذا الدفاع المقدس ، ولم تؤد المساعدات المختلفة الى صدام من تغيير ظروف الحرب التي كانت تتغير بسرعة لصالح جيش الاسلام .

في الفترة التي اشتدت فيها حرب المدن وحرب الصواريخ اضطرت امريكا للتدخل المباشر ، فتوجهت حاملات الطائرات والسفن الحربية الفرنسية والبريطانية والامريكية والروسية نحو مياة الخليج القارسي ، فلم يبق امام امريكا من خيار سوى تدويل الحرب وتوريط دول اخرى فيها ، فبدات حرب ناقلات النفط . وقد تركزت مهمة القوات الوافدة الى المنطقة على منع النفط الايراني من الصدور وايقاف وتفتيش السفن التجارية للحيلولة دون وصول المواد الاولية والبضائع الاساسية الى الجمهورية الاسلامية الايرانية . وفي هذا الاطار تعرضت العديد من السفن النفطية الايرانية الى هجمات صاروخية وجوية ، كما اضرمت النار في الابار النفطية الايرانية في الخليح الفارسي ، وبلغ الامر بامريكا بعد ذلك ان اقدمت على ارتكاب جريمة مروعة ، وذلك باطلافاها صاروخين من حاملة الطائرات وينسنس نحو طائرة ايرباس مدنية ايرانية تابعة لخطوط الجمهورية الاسلامية ( الرحلة رقم 655 ) في شهرتموز 1988 فاسقطتها مما ادى الى استشهاد جميع من كانوا على متنها فراح ضحية الحادث 290 شخصا من الاطفال والنساء والرجال . وقد لاذ العالم - الظالم والبعيد عن الحق - بالصمت ازاء هذه الجريمة لمجرد انها وقعت بحق اناس كانوا يطالبون بالاسلام ، وهذا في نظر الغرب يعد لحاله جريمة لا تغتفر ! وهي نفس جريمة البوسنيين المظلومين اليوم فهم يتعرضون للابادة التامة عقابا لهم على هذا الذنب !.

اما صدام فقد ختم صحيفة اعماله العسكرية بجريمة قل نظيرها في التاريخ ، فقد قام بقصف مدينة (حلبجة) العراقية بالمواد الكيميائية ، الامر الذي ادى الى استشهاد اكثر من خمسة الاف مواطن اعزل كان اكثرهم من الاطفال والشيوخ . ولم يتحرك ضمير هيئة الامم المتحدة لهذه الفاجعة ايضا.