حدیث الانطلاق نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
ان تجحفل قوات الغرب في الخليج الفارسي ، وما حصل خلال الاشهر الثمانية الاخيرة من الحرب لم يكن الا لان جيش الاسلام كان في موقع متفوق تماما على جيش العدو الذي فر من اغلب المناطق المحتلة الى ما وراء الحدود .ان سقوط صدام المحتمل على ايدي ابطال الاسلام - او هزيمته على الاقل دفع القوى الكبرى الى المبادرة الى دعمه ومساعدته ، وانصبت جهود امريكا وهيئة الامم المتحدة الان وخلافا لمنحاهم السابق على السعي لسد الطريق امام تقدم المقاتلين الايرانيين والحيلولة دون سقوط صدام .صادق مجلس الامن على القرار ( 598 ) والذي شكل في اغلبه اراء ومطالب وشروط ايران السابقة لالقاء السلاح - والتي كانت قد اصرت عليها منذ بدء الحرب ومبادرتها للدفاع عن نفسها ، لكن المنظمات الدولية لم تقبل بها سابقا املا بانتصار صدام .المصادقة على هذا القرار من جهة ، والجرائم المفجعة التي ارتكبت من قبل مشعلي الحرب في الاشهر الاخيرة منها من جهة اخرى ، دفعت الامام الى اصدار اوامره الى هيئة من المتخصصين العسكريين والسياسيين والاقتصاديين الايرانيين الملتزمين بدراسة المستجدات على ساحة المواجهة . وعند انهاء دراستها للامر قدمت الهيئة تقريرها الذي تضمن الاثارة الى ان الوقت مناسب لايران لاثبات حقها في هذا الدفاع المقدس الذي دام ثمانية اعوام ، ان عليها ان تقبل بايقاف الحرب على اساس القرار ( 598 ) .وفي 0 2 / 7 / 1988 اصدر الامام بيانه المعروف باسم ( بيان الموافقة على القرار ) والذي يعد من افضل الادلة على كفاءة قيادته وادارته ، ففي هذا البيان استعرض سماحته الحرب المفروضة وابعادها بشكل جلي ، ورسم الخطوط المستقبلية للنظام وللثورة الاسلامية في جميع الميادين ، بما في ذلك المواجهة للقوى الكبرى والثبات على الاهداف والغايات التي حددتها الثورة . وقد عبر الامام الخميني عن قبوله بالقرار بعبارة “ تجرع السم الزعاف “ الامر الذي يخفي بين طياته من الامور والمسائل الدقيقة مالايتسع المقام لعرضه ، لذا نكتفي بذكر مقطع من بيان الامام الخميني هذا ، يقول سماحته : “ واما فيما يتعلق بقبول القرار الدولي والذي يعد في الحقيقة موضوعا شديد المرارة صعب الاستقراء للجميع خصوصا بالنسبة لي . ذلك لاني ولفترة قريبة كنت اؤمن باسلوب الدفاع والثبات على المواقف المعلنة السابقة بالنسبة للحرب ، وكنت ارى بان مصلحة النظام والبلاد والثورة في تنفيذ تلك المواقف ، غير ان الحوادث والعوامل التي اود عدم الخوض في تفيصلاتها املا ان تتضح مستقبلا ، والاراء التي اتفق عليها المتخصصون السياسيون والعسكريون من ذوي المقامات الرفيعة في البلاد ممن اثق في تدينهم واخلاصهم وصدقهم ، دفعتني الى القبول بالقرار الدولي ، والموافقة على وقف اطلاق النار ، اني اعتبر ذلك الان في مصلحة الثورة والنظام . والله يعلم بانه لو لم يكن الداقع من ذلك جعلناجميعا مضحين بعزتنا واعتبارنا في مسار مصلحة الاسلام والمسلمين ، فانني لم اكن لاقبل بهذا الامر مطلقا ولكان الموت والشهادة احلى مذاقا بالنسبة لي . ولكن ما العمل ونحن جميعا مطالبون بالاذعان لمايرضي الله تعالى . ومن المسلم ان الشعب الشجاع البطل كان - وسيبقى - متحركا على اساس هذه المعايير “(22)وتماما كما حذر الامام مرارا - من ان ادعاءات صدام للسلام لا تعدو كونها محاولة لتضليل الرأي العام - فان الواقع اثبت ذلك ، فبعد قبول ايران بالقرار الدولي ، بادر صدام حسين الى الهجوم مجددا وارتكاب حماقة جديدة باندفاعه في الجبهات الجنوبية لاحتلال مناطق منها ، غير ان انتشار بيان الامام الحماسي والعاطفي ادى مرة اخرى الى موجة من التطوع في صفوف قوات التعبئة وتجمع الطاقات الثورية المقاتلة من اقصى نقاط البلاد للتوجه نحو المناطق الجنوبية ، وبذا فقد ادت سرعة تحركهم وتنظيم قواتهم الى تحميل العدو خسائر فادحة ومسارعته الى الفرار من هناك . ولم يبق امام صدام من طريق سوى القبول بالهزيمة.