الحرب المفروضة والدفاع المقدس :
ادى الفشل الذريع لمشروع القضاء على النظام الجمهوري الاسلامي من خلال الحصار الاقتصادي والسياسي والذي حاولت امريكا تطبيقه ، وفشلها في عملياتها العسكرية لتحرير الجواسيس الامريكان - بالهبوط في صحراء طبس بعد احتلال وكر التجسس الامريكي - وعدم النجاح في فصل كردستان عن الحكومة المركزية ، الى لجوء الحكومة الامريكية في عام 1980 لتجربة الهجوم العسكري المباشر . بيد ان الموازنات الدولية بين الشرق والغرب في تلك الايام حالت دون تمكن امريكا من الهجوم المباشر بقواتها ، فالرأي العام العالمي قد تاثر نسبيا بافكار الامام الخميني ونشاطاته السياسية التي اطلع على جزء منها في فرنسا وفي الحوادث التي تلت انتصار الثورة الاسلامية ، مما ساهم في كشف النقاب عن مظلومية ايران وحقانية الشعب الايراني في مطالبه ، ودفع الرأي العام العالمي بالنتيجة الى التعاطف مع الشعب الايراني ،كذلك فان الانظمة المتزلزلة في الخليج الفارسي لم تكن على استعداد لمواجهة ردود الفعل الناجمة عن الهجوم الامريكي المباشر .لكل ذلك تم اختيار العراق للقيام بدور النيابة في اشعال هذه الحرب ، وهو اختيار محسوب من كافة النواحيَ فالعراق بلد يسير في ركاب الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية . ودخوله في حرب مع ايران سيؤدي الى وقوف الاتحاد السوفيتي والشيوعيون الى جانب صدام ، وبالنتيجة الى جانب امريكا واوروبا مما سيمنع من ظهور اية ردود فعل سلبية .كذلك فان العراق يعد ثاني بلد في المنطقة من حيث الامكانات التسليحية ، وهو بلد نفطي يمكنه الصمود في حرب طويلة الامد اعتمادا على ثرواته وعلى مساعدات الدول الرجعية العربية في المنطقة ، ودون الاحتياج الى دعم امريكا او اوروبا ماليا او عسكريا - رغم ان التوقعات الاولية من قبل امريكا وصدام كانت تدور حول حرب قصيرة الامد ، تؤدي الى القضاء على الثورة الاسلامية الايرانية بسرعة خاطفة.من جانب اخر ، فان النفسية التسلطية لصدام والنزاعات الحدودية السابقة بين العراق وايران تعد ظروفا مساعدة لدفع صدام الى الاعتداء واحتلال قسم من الاراضي الايرانية .ولو ان العالم امتنع عن قبول الادلة والوثائق التي قدمتها ايران خلال الحرب لاثبات مدعاها في ضلوع امريكا واوروبا والاتحاد السوفيتي في اشعال شرارة الحرب ، فان الاسرار التي انكشفت بعد حرب النفط بين امريكا وصدام ( حرب احتلال الكويت ) والوثائق التي انتشرت دلت على هذه الحقيقة بشكل قطعي .على اية حال في 2 2 ايلول 0 98 1 م بدأ الهجوم العسكري العراقي على طول الحدود المشتركة البالغة 1280 كم ومن اقصى نقطة في الشمال الايراني والى ادنى نقطة - ميناء خرمشهر - في جنوبها ، وترافق الهجوم البري مع هجوم جوي طال مطار طهران - الساعة الثانية بعد ظهر ذلك اليوم - ومناطق اخرى .وتمكنت الماكنة العسكرية الصدامية - والتي تم اعدادها بمساعدة فرنسا وشركات الاسلحة الامريكية والانجليزية والمعدات العسكرية الروسية للقيام بهذا الهجوم - بسرعة من النفوذ لعدة كيلومترات داخل المحافظات الايرانية الخمسة . وتعرضت المقاومة الشعبية المحدودة الى ضربة قوية من قبل الجيش العراقي نتيجة عنصر المباغتة الذي كان لصالح القوات الغازية ، ونتيجة عدم وجود التسليح والخبرة الكافيتين .وبسرعة غريبة تم تخريب المدن والقرى المحتلة ، وتحولت الى انقاض وشرد مئات الالاف من بيوتهم وقراهم ومدنهم .اما الجيش الايراني ، ونتيجة لحوادث الثورة فقد كان مصابا بالتخلخل والتفكك ، وكان يمضي ادواره الاولى في اعادة البناء والتنظيم ، فقد غادر الالاف من الخبراء العسكريين الاجانب والامريكان - خصوصا - ايران بعد انتصار الثورة ، كذلك فان العديد من التجهيزات العسكرية المعقدة والطا ئرات الحديثة والصواريخ المتطورة - والتي كان الشعب الايراني قد دفع اثمانها من كده - تم نقلها في الايام الاخيرة من حكومة النظام الملكي البائد - وبمساعي الجنرال هايزر التي دامت شهرين - الى امريكا(13) .13 - كانت عملية اعادة التجهيزات السرية العسكرية والجاسوسية الامريكية فى ايران ، والطائرات الخاصة بالبنتاغون والصواريغ المتطورة ارض - ارض وارض - جو والتي كانت منصوبة في صحاري شرق ايران والمناطق الشمالية والشمالية الشرقية للبلاد وبمحاذاة الحدود السوفيتية ( سابقا ) احدى ثلاث مهمات كان على الجنرال هايزر (مساعد قيادة حلف الناتو ) ان يقوم بها خلال فترة الشهرين التي وفد فيها الى ايران . راجع “ مامورية في طهران “ مذكرات الجنرال هايزر ، وكذلك “ المساعي الاخيرة في الايام الاخيرة “ الدكتور اليزدي ، طبع انتشارات القلم 1984 م