اشتداد الثورة الاسلامية في عام 1977 ونهضة الجماهير:
تمكن الامام الخميني - الذي كان يتابع التحولات والاحداث الجارية في ايران وفي العالم بدقة متناهية - من اغتنام الفرصة التي اتيحت له محققا الاستفادة القصوى منها . فقد اعلن في بيانه الصادر في اب 1977 : “ الان ونتيجة للاوضاع الداخلية والخارجية ، وانتشار انباء الجرائم التي يرتكبها النظام الملكي ، في المحافل الدولية والصحافة الاجنبية ، فان الفرصة سانحة للمنظمات العلمية والثقافية والوطنيين والجامعيين الدارسين في الخارج والداخل ، والاتحادات الاسلامية اينما كانت ، للمبادرة للقيام - دون خوف - والاستفادة من هذه الفرصة “ وجاء في جانب اخر من البيان ذاته : “ان التجاوز على حقوق مئات الملايين من المسلمين وتحكيم حفنة من الاوباش على مقدراتهم واتاحة الفرصة للنظام اللا قانوني الايراني وللكيان الاجوف الاسرائيلي ان يغتصبا حقوق المسلمين ويصادرا الحريات ، ويتعاملا مع الناس معاملة وحشية ، كلها جرائم ستثبت في ملفات رؤساء جمهور امريكا”(86)في شهر تشرين الاول 1977 م ، تحولت شهادة اية الله السيد مصطفى الخميني (87) والمراسم التأبينية المهيبة التي اقيمت له في ايران الى نقطة انطلاق لقيام الحوزات العلمية مجددا ، ونهضة المجتمع الديني الايراني وقد عبر الامام الخميني عن تلك الحادثة (بالالطاف الالهية الخفية ) - الامر الذي يثير التعجب ! وقد حاول النظام الملكي حينها الانتفام من الامام بنشر مقالة موهنة في صحيفة اطلاعات ، مجير ان السحر انقلب على الساحر فقد انتهت هذه المقالة الى نهضة التاسع من كانون الثاني عام 1978 م مما ادى الى استشهاد جمع من الطلاب الثوريين . ومرة اخرى كانت قم هي فتيل النهضة ، ولم تمض سوى مدة قصيرة - وفي ظروف تختلف تماما عن الظروف التي انطلقت فيها انتفاضة حزيران 1963 - تناغمت حركة الجماهير في مختلف انحاء البلاد حيت ادت اقامة مراسم العزاء المتتالية في الثالث والسابع والاربعين من سقوط الشهداء ، الى سريان شعلة الثورة الى مناطق اخرى من البلاد كتبريز ويزد وجهرم وشيراز واصفهان وطهران .86 - صحيفة النور ج 1 ص 24387 - الحاج السيد مصطفى الخميني ، النجل الاكبر للامام الخميني ( 1930- 1977 م ) ابتدأ دراسته العلوم الاسلامية لما ناهز الخامسة عشر من عمره فبلغ مرتبة الاجتهاد قبل ان يتم عقده الثالث . وقد تمكن في شبابه من التبخر والالعام الكامل الشامل في مختلف العلوم الاسلامية . تتلمذ سماحته على حفرة الامام والمرحوم اية الله البروجردي والمرحوم الحاج السيد محمد الداماد .في 4/11/964 1 صدر الامر بالقاء القبض عليه من قبل النظام الملكي واودع سجن ( قزل قلعة ) فبقي هناك قرابة الشهرين ، ثم اطلق سراحه واعيد الى قم ليجد في استقباله حشودا من علماء وطلبة وجماهير مدينة قم الذين خرجوا لاستقباله بمجرد سماعهم نباء اطلاق سراحه .عرف عن سماحته - كما هو الحال مع والده - روحيته المجاهدة المقدامة - واعتقاده الراسغ بحتمية اسقاط الحكومة البهلوية من خلال القيام الشعبي والعلمائي الشامل وبذل في هذا السبيل مساع حثيثة وقد نفي بعد ذلك مع والده الى تركيا ثم العراق . وهناك ونتيجة لاطلاع النظام العراقي على الاوضاع استدعاه اقطاب النظام في عام 1969 م الى قصر الرئاسة في بغداد ، فالتقاه هناك الرئيس العراقي احمد حسن البكر وطالبه مهدداً اياه - بالموافقة على التعاون مع النظام البعثي العراقى لمواجهة النظام الملكى الايراني . الا ان سماحة السيد مصطفى رفض المقترح العراقي كليا وان كان النظام الايراني قد اشاع حينها اخبارا تشير الى تواطئه مع النظام العراقي .استشهد الحاج السيد مصطفى قبل عام واحد من انتصار الثورة الاسلاميه عن عمر يناهز الثامنة والاربعين