ً ) ثم عقّب على ذلك بقوله ، قال أبو عيسى هذا حديث صحيح (10) . وروى أبو داود في السنن عن جابر بن سمرة قال: ( سمعت رسول الله ص : لا يزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشر خليفة ، فكبّر النّاس ، وضجّوا ، ثم قال كلمة خفيت عليّ ، قلت لأبي : يا أبه ما قال ؟ قال : كلّهم من قريش ) (11) . وروى الحاكم في المستدرك في كتاب معرفة الصحابة عن جابر قال : ( كنت عند رسول الله ص فسمعته يقول : لا يزال أمر هذه الأمّة ظاهراً حتى يقوم اثنا عشر خليفة ) . وروى احمد بن حنبل في المسند هذا الحديث عن جابر من أربع وثلاثين طريقاً ج 5 / ص 86و87و89و90و92و93و94و95و96و97و98و99و100و101و106و107و108 . وروى أبو عوانة هذا الحديث في مسنده 4 / 396و398و399 . وابن كثير في البداية والنهاية 6 / 248 ، والطبراني في المعجم الكبير 94و97 ، والمناوي في كنوز الحقائق 208 ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء 61 ، والعسقلاني في فتح الباري 13 / 179 ، والبخاري في التاريخ الكبير 2 / 158 ، والخطيب في تاريخ بغداد 14 /353 ، والعيني في شرح البخاري 24 / 281 ، والحافظ الحسكاني في شواهد التنزيل 1 /455 ، والقسطلاني في إرشاد الساري 10 / 328 ، وغيرهم من المحدّثين والحفّاظ . وروى هذا الحديث أصحابنا الأمامية بطرق كثيرة لا نجد ضرورة في سردها على نحو التفصيل أو الإجمال .
ولدينا مجموعة من النقاط في هذا الحديث :
1 _ لا إشكال في أن حديث الاثنى عشر خليفة قد صدر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ، فقد رواها الفريقان بطرق كثيرة ، ويكفي أن البخاري ومسلم من السنّة والكليني والصدوق من الشيعة من رواة هذا الحديث .
2 _ والأحاديث ظاهر في أن الأمراء المذكورين في هذه الرواية أمراء الحق ليس أئمة الظلم والجور من أمثال معاوية ويزيد والوليد والمتوكل واضرابهم .
3 _ وأن عدتهم اثنا عشر عدد نقباء بني إسرائيل . يقول تعالى : ( ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا ) المائدة / 12 .
4 _ ولا يخلو منهم زمان . ولا نعرف لهذه الأحاديث بمجموعها تطبيقاً قط غير الأئمة الاثنى عشر المعروفين عند الشيعة الإمامية الاثنى عشرية ، وآخرهم المهدي المنتظر عليه السلام وعج وهو الإمام الثاني عشر .
ولو رأينا التمحل الذي يتمحله علماء كبار من أمثال السيوطي في ترتيب الاثنى عشر أميراً بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ، لاطمأن القلب إلى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم لم يرد غير الأئمة الاثنى عشر من أهل بيته الأبرار الطاهرين عليهم السلام . ولقد أحسن محمود أبو ريه في التعليق على التوجيه الذي وجّه به السيوطي هذه الرواية ، فقال عنه : ( ورحم الله من قال عن السيوطي انه حاطب ليل ) . فلا نعرف تطبيقاً قط ينطبق بالتمام وبدقة على هذه الروايات في غير عقيدة الشيعة الإمامية وبضمنها ولادة الإمام عجل الله فرجه الشريف وغيبته . ولو أسقطنا هذا الواقع من الحساب لم يبق تفسيراً لهذه الروايات التي هي من أنباء الغيب التي أخبر عنها وبشّر بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم . هذه أربع طوائف من الروايات ، لا يتطرق إليها الشك من حيث السند ، ولا من حيث الدلالة في معانيها ومضامينها . وتنطبق على ما تعتقده الإمامية وتعرفه من إمامة الأئمة الاثنى عشر من أهل البيت عليهم السلام وولادة الإمام الثاني عشر وغيبته وظهوره بعد ذلك إنطباقاً تامّاً . وينحصر الإنطباق عليهم ، فلا نعرف لهذه الروايات تطبيقاً آخر في تاريخنا المعاصر والقديم غيرهم . فلم يدّع غيرهم لنفسه العصمة ، ولم يقل غيرهم أنّه حجة الله على الخلق ، وإمام ، طاعته هدى ودين ، ومخالفته ضلال وجاهلية ، ولم يدّع غيرهم أنّهم هم المقصودون بالأئمة الاثنى عشر ، وأنّهم هم الثقل الآخر المقارن للقرآن ، المذكور في حديث الثقلين . وهذا المعنى بالضرورة يؤدي إلى الإنطباق القهري لهذه الروايات عليهم عليهم السلام .
وفيما يلي توضيح لهذا الاستدلال :
1 _ يقول أهل البيت عليهم السلام انهم هم حجج الله تعالى على خلقه المنصوص عليهم من جانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ، وأنّهم هم الثقل الأصغر الذي قرنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم بالقرآن ، وأنّهم هم الأئمة الاثنى عشر الذين أخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ، وطاعتهم من طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلّم ، ومخالفتهم جاهلية وضلال ، وهم حلقات متصلة من وفاة رسول الله صلى الله