مبحث ولایة الفقیه من کتاب البیع

روح الله الموسوی الخمینی (قده)

نسخه متنی -صفحه : 23/ 3
نمايش فراداده

مبحث ولاية الفقيه من كتاب البيع

شؤون وصلاحيات الولي الفقيه

سماحة آية الله العظمى روح الله الموسوي الخميني (قده)

بسم الله الرحمن الرحيم

من جملة المباحث المهمة في الفقه، مبحث آداب التجارة والمعاملة بفروعها وتشعباتها، والذي كان مطروحاً دوماً؛ منذ عصر شيخ الطائفة إلى زماننا الحاضر. ومن أفضل الكتابات التي ألفت في هذا المجال هو كتاب المكاسب لشيخ الفقهاء وأستاذ المجتهدين الشيخ مرتضى الأنصاري (قده). فبظهور الشيخ الأنصاري دخل الفقه الإمامي مرحلة تكاملية؛ فقد أسس الشيخ الأعظم وأبدع مبانٍ جديدة بنحو بارز مما أضفى عمقاً ودقة في المباحث الفقهية. كما وترك أثراً عميقاً أيضاً في المباحث الأصولية بتأليفه كتاب فرائد الأصول المعروف بـالرسائل. وقد كانت سعة وعمق تأثير آراء الشيخ على الآراء والنظريات الفقهية والأصولية بدرجة أن كتبه مازالت تدرس في المراحل العلمية العليا بالحوزات الدينية، وهمّ جمع كثير من أجلّة الفقهاء إلى وضع الشروح لكتابيه هذين أو تأليف كتب مستقلة لكن بنفس السياق. من جملة الفقهاء الأجلاء في عصرنا الراهن والذي اهتم بهذا المجال هو الإمام الخميني (قده)؛ فسماحته وخلال تدريسه لخارج الفقه في الحوزة العلمية بقم والنجف، وإضافة إلى تأليفاته الفقهية الأخرى، كتب سبعة مجلدات في باب آداب وأحكام التجارة والمعاملة، المجلدان الأوليان معروفان بـ المكاسب المحرمة وتتعلق بالمعاملات المحرمة، والمجلدات الخمسة الباقية تعرف بـ البيع وهي في باب أحكام وأقسام المعاملات. *** والبحث في باب (ولاية الفقيه) مطروح في الكتب الفقهية في مناسبات مختلفة، ومنها في كتاب الوصايا، وكتاب الإرث، و...، ومنها أيضاً في كيفية وأولياء التصرف في أموال من لا اعتبار شرعاً في تصرفهم في أموالهم. يقول الشيخ الأنصاري في بداية بحثه في الصفحة 153 من كتاب المكاسب:

ومن جملة أولياء التصرف في مال من لا يستقل بالتصرف في ماله:

الحاكم. والمراد منه:

الفقيه الجامع لشرائط الفتوى. وقد رأينا هنا ذكر مناصب الفقيه، امتثالاً لأمر أكثر حضار مجلس المذاكرة. والإمام الخميني أيضاً حين تطرقه للموضوع المذكور يطرح قضية (ولاية الفقيه)، ويخصص الصفحات من 496 إلى 520 في كتاب البيع لهذه المقولة. شؤون وصلاحيات الولي الفقيه عنصر السياسة في الأحكام الإسلامية من نظر إجمالاً إلى أحكام الإسلام وبسطها في جميع شؤون الجامعة من العباديات التي هي وظائف بين العباد وخالقهم، كالصلاة والحج، وإن كان فيهما أيضاً جهات اجتماعية وسياسية مربوطة بالحياة والمعيشة الدنيوية، وقد غفل عنها المسلمون سيما مثل ما في الاجتماع في الحج في محيط الوحي ومركز ظهور الإسلام، ومع الأسف قد أغفلوا بركات هذا الاجتماع الذي سهل تحققه لهم الشارع الأقدس بوجه لا يتحقق لسائر الدول والملل إلا مع جهاد عظيم ومصارف خطيرة. ولو كان لهم رشد سياسي واجتماعي أمكن لهم حل كثير من المسائل المبتلى بها بتبادل الأفكار والتفاهم والتفكر في حاجاتهم السياسية والاجتماعية، ومن القوانين الاقتصادية والحقوقية والاجتماعية والسياسية لرئي أن الإسلام ليس عبارة عن الأحكام العبادية والأخلاقية فحسب، كما زعم كثير من شبان المسلمين بل وشيوخهم، ذلك للتبليغات المشومة المسمومة المستمرة من الأجانب وعمالهم في بلاد المسلمين طيلة التاريخ لأجل إسقاط الإسلام والمنتسبين إليه عن أعين الشبان وطلاب العلوم الحديثة، وإيجاد الافتراق والتباغض بين المسلمين قديمهم وحديثهم، وقد وفقوا في ذلك إلى لا يتيسر لنا رفع هذه المزعمة والتهمة بسهولة وفي أوقات غير طويلة. فعلى المسلمين وفي طليعتهم الروحانيون وطلاب العلوم الدينية القيام على ضد تبليغات أعداء الإسلام بأية وسيلة ممكنة، حتى يظهر أن الإسلام قام لتأسيس حكومة عادلة فيها قوانين مربوطة بالماليات وبيت المال، وأخذها من جميع الطبقات على نهج عدل، وقوانين مربوطة بالجزئيات قصاصاً وحداً ودية بوجه لو عمل بها لقلّت الجنايات لو لم تنقطع، وانقطع بذلك المفاسد المترتبة عليها، كالتي تترتب على استعمال المسكرات من الجنايات والفواحش إلى ما شاء الله تعالى، وما تترتب على الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وقوانين مربوطة بالقضاء والحقوق على نهض عدل وسهل من غير اتلاف الوقت والمال كما هو المشاهد في المحاكم الفعلية وقوانين مربوطة بالجهاد والدفاع والمعاهدات بين دولة الإسلام وغيرها. فالإسلام أسس حكومة لا على نهج الاستبداد