من عیون الأدب الإیرانی المعاصر

سیّد مهدی شجاعی

نسخه متنی -صفحه : 28/ 4
نمايش فراداده

اللتين وهبهما الله لك لتذهب ولم يهبني مثلهما كنت عمرك كلّه تقبل يديّ دون أن أستحقّ، فدعني مرّة أقبل قدمك التي تستحقّ أن تقبّل وتستنشق رائحتها عمراً مع أن ضوء القمر يمنح وجهك جلاءً من نوع آخر، إلا أن العدو سيكتشف أمرنا. لقد كنت قد أحضرت الماء لأغسل دماء محاسنك، لكن الحرّاس، إخوتك، كانوا عطشى، فكأنّ الله قد وضع لهم الماء في قربتي. يمكن غسل محاسنك عند ذهابنا إلى البيت. كان إعطاؤهم الماء أكثر ضرورة، إنك ضيف حوض الكوثر يا قاسم. من أجل هذا نمت هادئاً إلى هذا الحد. لقد رأيتك في المنام مرّات لكن لم أر فيك هدوءاً ملكوتياً بهذه الصورة من قبل. كيف حال أمك؟ كأنكما معاً؟ أليس كذلك؟ لقد اجتمعت مع إخوتك وأخواتك أما أنا فبقيت وحيداً لي كلام كثير معك، لكن قوله غير ممكن هنا. عندما آخذ جنازتك لن أدعهم يدفنوك سريعاً.. سأبقيك يوماً وليلة لأتكلم معك . في هذه الليلة المقمرة ليس الجلوس معك بالعمل الصحيح. أنا أيضاً أستلقي، لكن ليس في هذه الجهة، أنام في ذاك الطرف حتى لو رآنا العدو لا يلحق بك الأذى. آه! جنائز جنازة أخرى في هذه الصحراء. آه.. كم من قاسم آخر سقط على الأرض؟ قاسم! عزيزي فلذة كبدي. أتعلم لم كنتُ أتيتُ؟ نعم! لكن الآن أريد أن أرجع صفر اليدين، لو كنت وحدك لكنت قد أخذتك لكن أخذك وحدك هو غاية الأنانية؛ هذا لا يرضي الله. إنه ذنب من أكبر الذنوب، أن يرى الإنسان في هذه الأرض الملأى بالقواسم قاسماً واحداً، قاسمه هو فقط. أنا ذاهب، وحيداً، وخالي اليدين.. دعني أفكّ هذا الشريط الأخضر المكتوب عليه "كربلاء سوف نأتي" الذي وقّعت عليه بدمائك الحمراء عن جبهتك وأجعله على جبهتي. ليكون أجمل تذكار منك.. إني ذاهب لكن ربما آتي مع الآخرين عندما نستطيع أن نأخذ الجميع معنا، جميع هؤلاء القواسم الذين يرقدون في الجوار.. ربما لن أرجع أيضاً. الآن سيطلع النهار، والصحراء ملأى بالنيران.. أزرق لكنّ بلون الغروب. لا تخفي نفسك، فالليلة لي معك عمل كثير، لستِ نائمة، أعلم أنك لست نائمة، لا تتظاهري بالنوم، تعالي إلى الأعلى، لو نمت، لمن سأقول ماعندي من الكلام؟ لمن أشكو همومي؟ انظري! لقد كنت دائماً أقول ما عندي لك، ليس دائماً دائماً، من حين وجدتك، من الوقت الذي أتيت فيه هنا، من الوقت الذي علمت فيه أنك تصغين إلى حديثي. أعلم أنك حزينة الآن، وعندك همّ، لكن إن لم أتحدث إليكِ إلى من أتحدث؟ إن لم أقل لك فلمن أقل؟ أمي؟ أمي الآن في ضيق إلى حد أنها لا تحتمل الجلوس والإصغاء لي. اعلم أنها لا تحتمل، إنها لاتعطي أجوبة صحيحة وشافية لأسئلتي، فكيف الجلوس والإصغاء لي. ربما نامت، وربما تظاهرت بالنوم كي أنام، إنها ليست على استعداد للبكاء أمامي، عيناها حمراوان.. حمراوان لكن عندما أسألها. أبكيت؟ تقول:

لا، تتصور أني لا أفهم. حسناً، لو أنها تبكي أمامي لاستطعت البكاء إلى الحدّ الذي أقدر عليه، يقولون إن البكاء يريح الإنسان، لكنها لا تفعل، لا تفعل، لنمرض كلتانا ونموت.. كنت أعلم أنك تصغين إلى كلامي، كنت أعلم أنك لا تنامين لقد أيقظتك من نومك اليوم، كان الفجر لم يبزغ تماماً، كنت وأمّك نائمتين في قعر الحوض، براحة تامة، كأنه ليس من المقرّر أن يأتي أحد اليوم. لم أشأ أن تستيقظا فجأة فتنزعجا. أردت أن أفعل كما كان يفعل أبي. ـ شيوا! شيوا! بنيتي! انهضي يا بنيتي! سأذهب إلى العمل، لن تريني إلى الليل. قلت:

ـ سمكتي! سمكتي! صغيرتي! انهضي يا سمكتي! لكني لم أكمل البقية لأني لم أشأ الذهاب إلى العمل. أنت أيضاً كأنك قد استيقظت لكن لم تنهضي. للأسف، للأسف، ليس لديك شعر، فليس للأسماك شعر. وإلا، فقد كنت سأمسح على شعرك بيدي كوالدي، وكنت أقول:

ـ عروستي ذات الشعر الكستناوي، انهضي يا صغيرة والدك، كم تنامين؟ انهضي لأرى، انهضي لأرى مالون عينيك اليوم. ناديتك.. ناديتك ثانية، وكما يفعل والدي بيديه على شعري، وضعت يدي في الماء، بذاك اللطف وذاك الهدوء. أرأيت، عندما تهب الريح بِمَ يشعر الإنسان؟ يحس يداً كيد الملاك تعبث بشعره،