الآخرين بأن يكون لهم دور أيضاً: "تعالوا نأخذ دورنا تعالوا إلى الحلبة. هيا تعالوا ".
وهذه هي نهاية المسرحية.
أما من حيث الوسيلة التعبيرية فقد راوح الكاتب فيها بين أسلوبي الشعر والنثر، فجاء القسم الأول شعرياً، وعلى الخصوص في مااستدعاه السياق والموقف.
كما في مناجاة (عودة) لنفسه، وفي مناجاة زوجته (زهرة) له، حيث تقول: متى أصبحت سجاناً.
؟ وهل تبني بظل السجن حرية وعدلاً واشتراكية؟ أياعودة، أيا عودة؟ تذكّر أننا جئنا لنحمي حرمة الإنسان نبني الاشتراكيه تذكّر أننا كنا نجرع من كؤوس الظلم نحيا في العبوديه وقضية الصراع على السلطة بين السلطويين أنفسهم، وانعكاس هذا الصراع على المواطنين: لامبالاة، وحياداً، وقمعاً، وظلماً، يجعل صوت الحق لابد أن ينطلق من عمق الألم، ليدعوا إلى العدل والحرية.
وعندما يحّل الكاتب القضية بالدعوة إلى القضاء على السلطة (ثابت، ومثبوت)، فهل هذا هو الحل الصحيح؟ وإذا ماتم القضاء على أحدهما أو كليهما ألا يصعد غيرهما إلى سدّة السلطة؟ وإذا كان المفروض أن يصعد أبناء الشعب من الجماهير الكادحة التي عانت الظلم والحرمان، لأنها أرحم من غيرها، فكيف نضمن التصاقها بالجماهير، وعدم تبرجزها، مع الأيام، حيث تصبح مالكة للعمارات والسيارات والأرصدة، فتنسى أصولها، وتصبح رأسمالية لايهمّها غير تنمية ثرواتها، الأمر الذي حدث في كثير من مجتمعات العالم الثالث، و"الاشتراكي" معه.
وواضح أن الجذر (الثيمة) الأساسي في هذه المسرحية هو (الظلم) الواقع على المواطن.
ظلم السلطة الطاغية، سواء كانت (ثابتاً) أم (مثبوتاً).
6- رضا قيصر (1975): تعالج هذه المسرحية علاقة الكاتب والفنان بالسلطة،وهي علاقة تناحرية تقوم على الترغيب أو الترهيب، الاحتواء أو القمع.
وقد بدأ الكاتب مسرحيته بملاحظة يقول فيها: "إن هذه المسرحية ليست تاريخية، رغم أن أحد شخوصها (بلاوتوس) كاتب مسرحي روماني معروف، فهي لاتتعرض لسيرته، وما مرّ بها من أحداث ليس لها وجود في حياته".
وهذا تأكيد على أن المسرحية معاصرة بأحداثها وأشخاصها، وإن استعارت قناع الماضي، واتخذت أسماء رومانية من مثل: بلاوتوس، قيصر، باكخيس، بوبيليوس، فلافيوس.
وتبدأ المسرحية بالطفيلي الجائع الذي يعلن أنه يبيع نفسه لمن يوفر له الطعام، ثم ينادي سيده المؤلف(بلاوتوس) الذي جعله شخصية مسرحية في ورطة، ثم تخلّى عنه، وتركه يواجه مصيره وحده.
فيطلب بلاوتوس منه الالتزام بدوره كطفيلي، وليس كجندي شجاع من جنود روما.
وينادي (باكخيس) الفتاة التي تيّمت عشاقها وجعلتهم مفلسين.
وهي تكاد تتمرّد- أيضاً- على المؤلف الذي أعطاها هذا الدور: بلاوتوس: من الواضح أنك تتآمرين عليّ.
هذا متوقع. لعبة من الممثلين. تقفون إلى جانب بعضكم وتتعاضدون.
لقد أصاب مجلس الشيوخ في روما عندما حرم الممثلين من الحقوق السياسية، واعتبرهم أقلّ من غيرهم.
ومن الواضح أن الكاتب عرسان عندما جعل المؤلف بلاوتوس يخاطب شخصياته.
ويمثّل معها، فإنه يترسّم في ذلك منهج(الكوميديا ديللارتي) وبيرانديللو الذي وضع (مسرحاً داخل المسرح) في مسرحياته، وعلى الخصوص في (الليلة نرتجل) و(ست شخصيات تبحث عن مؤلف).
ولكن المفارقة هي في أن يوظف الكاتب تقنية (كوميدية) في موضوع (تراجيدي).
وهذا منتهى المرارة أن يقدم (كوميديا سوداء): يقول الطفيلي: بعد أن خلقت هذه النماذج ياسيدي ازدهرت روما.
ارتفعت الأسعار إلى حد غير معقول. فبلغ ثمن زق من النبيذ مئة آس، وإناء من السمك أربعمئة آس .
أما مَنْ يفكر في إطعام أولاده فعليه أن يبيع واحداً منهم ليشتري بثمنه وجبة لحم.
هذا إذا وجد مَنْ يشتريه بثمن ملائم.
أما زيارة غانية كباكخيس هذه فقد تكلّف الإنسان حريته، إذ يفلس فيباع في الأسواق لسداد الدين.
ويطلب بلاوتوس من الممثلين أن يقدموا مسرحية من تأليف بلاوتوس، أعظم كتّاب الملهاة في روما، وأن يبرعوا فيها، لأن القيصر سيشرّف الحفل بحضوره الكريم.
ونيل رضاه واجب مقدس. ولايريد بلاوتوس أن يكون مثل (نايفيوس) الذي انتقد الساسة والنبلاء، فطرد من روما.
ويبدأ التمثيل، ويشترك فيه (بلاوتوس) في دور والد الفتى المغرم بباكخيس.
ولكن المسرحية تثير غضب قيصر الذي يؤنّب بلاوتوس على إفساده عقول الناشئة، حين يجعل أباً يشارك ابنه في حب غانية، فيجرح الحسّ الخلقي لصفوة الجمهور في روما