و لكن أنا أقول : لا جبر بالنسبة الى موجود فى جميع الافعال التشريعية حتى نحتاج الى دفعه و تثبت هذا المطلب بحول الله و قوته . ثم أقول : اذا أراد رجل أن يفعل شيئا و يوجده فى الخارج من ذهنه لابد له من وجود أربع مقدمات : الاولى خطور ذلك الشى فى نفسه الثانية الميل و هيجان الرغبة اليه الثالثة الجزم و هو التصديق بفائدته و دفع ما يوجب التوقف عنه الرابعة العزم و هو القصد أى الشوق الاكيد المسمى بالارادة التى لا يتخلف المراد عنها البتة المستتبع لحركة العضلات فى التكوينيات و لانشاء الطلب من الغير فى التشريعيات . أما خطور الشى و هكذا الميل و هيجان الرغبة هما أمران قهريان خارجان عن تحت القدرة و الاختيار و لكن الجزم كما سيأتى فى التجرى و يعترف به المصنف أى صاحب الكفاية ( ره ) هناك هو أمر اختيارى لجواز التأمل فيما يترتب على الفعل و التدبر فى عواقبه و تبعاته من العقوبات و المؤاخذات فيصرف النفس عنه و يمنع عن وصول الميل و هيجان الرغبة الى مرتبة الجزم و التصديق بالفائدة ليحصل له الشوق الاكليد المستتبع لحركة العضلات و اختيار الفعل خارجا أو لانشاء الطلب من الغير تشريعا . و عليه فاذا كان بعض المقدمات اختيارية كانت الارادة اختيارية قهرا فان النتيجة تتبع أخس المقدمات كما لا يخفى . فاذا تكون الافعال الصادرة أيضا اختيارية صادرة عن الاختيار لا عن الكره و الاضطرار فلا جبر .
فاذا عرفت المقدمات الاربع بالتفصيل الذى ذكرتها لك فاذا اذا تريد أن تصلى مثلا أو تشرب الخمر اعاذنا الله من شربه ففى المرتبة الاولى خطرت الصلاة فى نفسك و رأيتها معراج المؤمن و قربان كل تقى و المأمور بها فى الكتاب الكريم عند قوله تعالى ( أقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل ) فعند ذلك توجد فيك المقدمة الثانية و هى الميل و الهيجان و الرغبة اليها - أى الى الصلاة - فاذا ثبت هذه فتصل النوبة الى المقدمة الثالثة و هى الجزم و التصديق بفائدة الصلاة و الدفع عن ما يوجب التوقف فيها - أى فى الصلاة - فاذا أثر هذه المقدمة فاذا توجد المقدمة الثالثة فعند ذلك يأتى فى نفسك المقدمة الرابعة و هى العزم أى القصد و الشوق الاكيد المسمى بالارادة التى لا يتخلف المراد عنها المستتبع لحركة العضلات فى التكوينيات و لانشاء الطلب من الغير تشريعا .