كما قال المصنف ( ره ) فى أول الكفاية ( أما المقدمة ففى أمور : الاول ان موضوع كل علم ) الخ . ثم قال ( ره ) هنا ( الامر الثانى الوضع هو نحو اختصاص اللفظ بالمعنى و ارتباط خاص بينهما ناش من تخصيصه به تارة و كثرة استعمالة له فيه أخرى و بهذا المعنى صح تقسيمه الى التعيينى و التعينى كما لا يخفى . ( حاصل كلامه هو أن الواضح يكون باختصاص اللفظ بالمعنى دفعة و تارة يكون باستعمال اللفظ فى المعنى فبالاعتبار الاول يكون الوضع تعيينا و بالاعتبار الثانى يكون تعيينا . و بعبارة أخرى الواضح تارة يلاحظ لفظ ( زيد ) و يضعه اسما لابن عمرو و تارة لا يلاحظ الواضع معنى مخصوصا بل يستعمل اللفظ فى المعنى المخصوص مكررا حتى يصير بحيث لو قبل لا يفهم منه الا هذا المعنى المستعلم مكررا و ذلك نحو لفظ ( صلاة ) كانت هذه اللفظة اذا قبلت فى الاول يفهم السامع منها الدعاء و لكن قد استعملها الشارع فى الاركان المخصوصة حتى صارت حيث اذا أطلقت لا يفهم منها الدعاء بل يفهم تلك الاركان أى صلاة الصبح أو الظهر أو غيرهما .
و يسمى هذا القسم من الوضع بالوضع التعينى . ان قلت : تنافى اللفظ و المعنى قبل الوضع معلوم جسا و وجدانا لان قبل وضع لفظ ( الاسد ) للحيوان المفترس لا يفهم من ذلك اللفظ ذاك المعنى . و على هذا كيف يكون اللفظ سببا لمناسبة بين المعنى و اللفظ لان السبب ما يكون سببا للشى بجعل تكوينى لا بجعل تشريعى . مثلا أبوة عمرو لزيد ليس بجعل الواضع و لو قال الواضع ألف مرة جعلت عمرا أبا لزيد و لم يكن عمرو أبا لزيد لم يوجد من وضع الواضع أبوه بنى عمرو و زيد أبدا بل يحتاج حصول الابوة و البنوة الى جعل تكوينى . قلت : نعم الاشكال يكون واردا اذا لم يكن السبب على قسمين حقيقى و اعتبارى و المسبب بالمعنى الثانى يعتبر من الواضع فى الاوضاع أى يجعل الواضع علقة و ربطا و سببا بين اللفظ و المعنى اعتبارا .