مجموعته الأولى"صاحبة الوحي" وممّا يلاحظ على هذه القصص أن أربعاً منها تعبر نهاياتها عن تجارب حب مخفقة سببها خيانة المرأة، والتي يكتشفها البطل بعد أن يكون قد أحبها حباً عذرياً صادقاً، وتكاد قصة(خولة) تشذ عن ذلك، حيث يصور موضوعها نظرية حوحو في عاطفة الحب.
كما يعد تطبيقاً لآرائه، فقد انتصر الحب على الرغم من الظروف القاسية، وشدة تهافت والد(خولة) على المال فكان الكاتب يدعو إلى حب يتصف بالتضحية والتحدي إن لزم الأمر.
وهذا ما حدث في نهاية القصة، حيث هربت(خولة) مع(سعد) من بيت خطيبها، متجاوزة بذلك كل أعراف البيئة البدوية وتقاليدها، ومتحدية السلطة الأبوية.
ونعزو هنا بعض الظواهر التي بدت غريبة، أو غير مألوفة في الحياة الريفية في قصة(خولة)، إلى تأثير الثقافة والعادات الأجنبية في أدب حوحو، لقد ذهبت خولة إلى(سعد) وهو في المرعى بمنأى عن القرية ورافقته إلى ديار أهلها على مرأى من الأهالي، ومثل هذه الأعمال محظورة في البيئة البدوية مهما كانت الظروف.
يدل ورود الموضوع الاجتماعي في قصص حوحو على عمق إحساسه بقضايا المجتمع وهموم الشعب وانحيازه الصريح للفئات الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة، فقد دافع عنها بكل قواه وبكل مواهبه الأدبية.
وليس الموضوع الاجتماعي جديداً على الكاتب والأدباء الجزائريين، لكن حافز الحرب العالمية الثانية وتأثيراتها في تطور الوعي العام عمقت الحاجة إلى مثل هذا الموضوع.
وأهم قصصه في هذا الموضوع ، قصة(عائشة) التي تصور وعي المرأة الريفية واستجابتها للتطور وللأفكار الجديدة، مما يوحي بالجرأة الكبيرة التي تمتع بها الكاتب وتجاوزه الانتقاد"إلى التنديد بهذه التقاليد، والدعوة إلى تحرير المرأة من ظلام الجهل وأغلال العبودية" على حد تعبير أحمد منور.
إن تناول موضوع تحرير المرأة بمثل الجد والعنف اللذين عالج حوحو بهما قصته"عائشة" ليعد مسألة تسترعي الإعجاب بجرأته، إنها"دعوة لم يسبق حوحو إليها أحد قبله بمثل هذه الجرأة، وبمثل هذه المعالجة الصريحة.
وتدل قصته"الفقراء" ، على تفتح حوحو على الأدب القصصي الأجنبي، خصوصاً الأدب الفرنسي، واقتباسه من الكاتب الفرنسي"فيكتور هيجو" على نحوما نوهنا به من قبل.
في قصصه تركيز على تصوير النموذج الإنساني الذي هو أهم محاور أدبه، ولذلك عدته الدكتورة عايدة بامية أبرز كاتب جزائري أولى اهتماماً متميزاً بالطبيعة البشرية ، في عصره، فقد التقط موضوعات من واقع الحياة البشرية بروحه الخفيفة، ودقة ملاحظته وعمق موهبته واتساع ثقافته ومقدرته على تحويل إحساساته الإنسانية إلى أحداث فنية جميلة متنوعة.
ولولا الضعف الفني الذي يشوّه بعض قصصه، ولولا المبالغة في عرض العواطف لعد صاحب تجربة نادرة في تاريخ القصة الجزائرية الحديثة.
لم يعالج كثيراً من القضايا الدينية إذا ما قيست أعماله بسائر الموضوعات.
وليس بين أيدينا سوى قصتين اثنتين الأولى بعنوان: الشيخ زروق، والثانية بعنوان"سيدي الحاج" صور فيهما رجل الدين المنحرف، والذي لا يهمه إلا الثراء، حتى وإن كانت السبيل إلى ذلك غير مشروعة، وكذلك التهافت على لقب"الحاج" والولوع بالمظاهر، وذلك لما تجلبه هذه الألقاب من حظوة ومكانة للكسب المعنوي والمادي وللتقرب من السلطة وأصحاب النفوذ.
وقد استغل الاستعمار هذا الانحراف، استغلالاً كبيراً فسخره لخدمة سياسته في قهر الأهالي.
وجعل بعض عناصر هذه الفئة عيوناً له على بعض المناضلين والوطنيين.
برع حوحو في معرفة الأصول النظرية لعدة فنون تعبيرية، تجلى ذلك في مقالاته التنظيرية لفن القصة والمسرح: وكان يملك حساً فنياً للتعبير عن هذه القواعد بالشكل المناسب.
ويتبين هذا من خلال قصتين تضمنتهما مجموعتاه"صاحبة الوحي" و"نماذج بشرية".
فقد سعى بهما إلى معالجة حال الأجيال الأدبية، ووضعية الأدب الجزائري.
تحمل القصة الأولى عنوان(صديقي الشاعر)، وهي تدور حول فساد الذوق الفني وغياب الحكم النقدي الرصين عن الساحة الأدبية والفنية، فالعامة لا تقوم الفن من خلال نصوصه، وإنما تحكم عليه بالرداءة والجودة من خلال مكانة صاحبه الاجتماعية، ومظهره الخارجي، وقد أدت هذه النظرة إلى سطحية الحكم وإلى قتل كثير من