تطور البنیة الفنیة فی القصة

شریبط أحمد شریبط

نسخه متنی -صفحه : 94/ 51
نمايش فراداده

معاً في عمل واحد كما في "ابنة الأقدار" التي يعالج حدثها موضوعاً اجتماعياً، وهو الخيانة الزوجية.

وربما يكون لها رأي في عدم خلق جو متوتر بين الزوج والزوجة، حيث جعلت كلاً منهما يستسلم بسهولة وبساطة، فيعترف هو بزواجه من امرأة بينما تكتفي زوجته بتعليق تصف زوجها فيه بأنه غير متدين، وأنه مسلم كالكثيرين بالوراثة والتبعية ، وتصور زهور هذه المرأة وهي تناجي الحمامة بأسلوب رومانسي يعكس الحالة النفسية على الطبيعة (كل شيء مظلم حتى القمر في سمائه لا ضوء له.

يبدو مظلماً..

ولماذا لايكون مظلماً والعذاب من قلبي وقلبك وقلوب الأخريات يطفئ ضياءه .

ولا تخلو هذه القصة من البصمات الاصلاحية، فالزوج لا يطبق من الإسلام إلا الآية التي تبيح للرجل الزواج بأربع نسوة رغم أنه "لم يعرف أو يعترف بالدين يوماً..

لا فعلاً ولا قولاً .

إن قصة "ابنة الأقدار" أقرب إلى فن الخاطرة بلغتها الشعرية المسيطرة وأسلوب المناجاة الغالب عليها من بدايتها إلى نهايتها، والذي جاء على لسان البطلة "خبريني بربك هل ضاع منك سربك فجئت تبحثين عنه عندي وتهدلين أيضاً، لا بأس فأنا أهدل بطريقتي الخاصة.

وما من فرق بين هديلك وهديلي سوى أن هديلك حزن بالعادة..

أما أنا أيتها الحمامة..

فإن هديلي هديل مكتوم لا يخرج من الصدر، مدفون بين الضلوع مطوي بين الحنايا .

" وتذكرنا هذه الكلمات بما عبر عنه الشاعر العربي أبو فراس الحمداني قديماً، وبالشاعر الجزائري محمد الصالح خبشاش في قصيدته "ياطائراً" حديثا .

وتكثر في قصص زهور ونيسي التواريخ وأسماء الأمكنة، وكأنها بهذا تسجل حقائق واقعية حدثت بالفعل، ففي قصتها "المرأة التي تلد البنادق " يتحدد موقع المستشفى في مدينة قسنطينة تحديداً جغرافياً دقيقاً، ونطالع التاريخ الذي جرى حدث القصة فيه .

ويعد عنصر الحدث من أهم العناصر الفنية البارزة في قصصها، حيث أنها تستخدمه بطرق متنوعة، فهو في قصة، ما زلنا نحلم يأتي عبر ما يسمى بأسلوب التداعي على لسان الكاتبة تارة، وعلى لسان بعض تلميذاتها تارة أخرى، فقد روت التلميذة فتيحة قصة خطف والدها من البيت، كذلك القصة التي روتها التلميذة "الياقوت" حول خيانة بعض الأفراد والأعمال الإجرامية التي كان جنود المستعمر يرتكبونها في الريف الجزائري.

والقصة غنية بأحداث الحكاية القصيرة نقلتها الكاتبة على لسان تلميذاتها.

وفيها تعليقات كثيرة ترد في بدايتها على شكل توضيحات وشروح، وكأن الكاتبة شعرت أن عنصر التركيز ضعيف فاضطرت إلى التعليقات لاحداث الأثر الكلي والتخفيف من تراكم الأحداث وتزاحمها.

وبهذا تكون قد بذلت جهداً كبيراً في التعبير عن الأحداث الثورية، وخصوصاً دور المرأة الجزائرية في حرب التحرير، وكأنها تقوم بوظيفة المؤرخ أي جعل القصة شاهداً على الثورة.

ولا تزال تكتب بنفس الوسائل التي شقت بها طريقها الأدبي خلال سنوات الثورة، ولا تزال الأحداث التي تصور الحرب التحريرية ينبوعها الدافق تمثل منبع الالهام في أدبها القصصي.

البهي فضلاء تمحورت قصص البهي فضلاء في مجموعته "دقت الساعة" ، حول تصوير الشخصيات الفذة التي كانت نموذجاً للشجاعة ، والاقدام في دفاعها عن الوطن وقيمه الروحية.

استخدم أساليب فنية متنوعة، فقد استعمل طريقة الخطف خلفاً في قصته "الرصاصة الأخيرة" ليعبر بها عن بطولة الشهيد (خليفة بو خالفة)، وذلك من خلال سرد طويل لبطولاته عبر ما نسميه بتداعي الذكريات، حيث وردت على ذاكرة أخيه حالما وقف أمام النصب التذكاري المبني في المكان الذي استشهد فيه أخوه (خليفة): "رفع رأسه وأخذ يقرأ ما كتب في هذه اللوحة واستقرت عيناه على هذه الكلمة في 17 ديسمبر 1957 فلم يستطع الرجل الكهل أن يتم القراءة إذ خنقته شهقة الدموع..

ثم جلس على الحافة أمام اللوحة التذكارية وأطلق للتفكير العنان يتصفح صفحة طويت في سجل الأزل منذ سنوات .

" فالموقف السابق مقنع بأحداثه، بل يدعو فعلاً إلى التأمل، واستحضار حوادث الماضي خصوصاً ما له علاقة قوية بالشخص وبموقعه في الحاضر، ففي مثل هذه المواقف يأفل الزمن الحاضر، تاركاً للزمن الماضي السيطرة على كل المشاعر حتى إننا لنجد القاص نفسه مستغرقاً في الحديث عن بطل قصته وسرد أعماله الفدائية، وهجوماته العديدة على مراكز قوات العدو ونجاحه الباهر في كل مرة، وكأن أعداءه جنود من ورق.

وتظهر في قصته "مزرعة الألغام" أربعة أحداث يمكن أن يكون كل واحد منها موضوعاً لقصة منفردة بذاتها، وهذه الأحداث هي استشهاد الأديب أحمد رضا حوحو"، "واستشهاد