أبو العيد دودو من أبرز كتاب جيل الثورة، عالجت قصصه موضوعات الحرب، والموضوعات الاجتماعية معاً.وقد تميز عن أعلام جيله، بأنه بقي وفياً للقصة، أما لغته فظلت متأثرة بالمعجم اللغوي ، وبلمسات فرويدية كقصة "انتظار" ، وقد وظف الأفراح المحلية في بعض قصصه لخدمة الحدث الرئيس كرقصة (محمد الطاهر) بطل قصة المنام ، فهي تعبر عن اعتقاد القاص بقيمة الموروث الشعبي ، حيث قام الرقص في هذه القصة بدورين أحدهما أنه استطاع أن ينقذ الفدائي من مطاردة أعدائه وثانيهما أنه حقق انتصاراً، وتوفيقاً كبيراً في أداء مهمته .ويبدو أن حضور الاستاذ دودو الدائم في الوسط الجامعي قد أثر في تجربته الإبداعية.فقد انصرف إلى البحث الأكاديمي والترجمة والتأليف والتحقيق.وتذكرنا رقصة الجندي برقصة زوربا المشهورة، وأن الجمع فيها بين البطولة والرقص يذكرنا بتناقضات زوربا، ثم فرحته في الأخير .إن لأعماله الإبداعية أهمية بالغة في تطور هذا الفن في الجزائر لأصالتها وخصوصيتها وقيمتها الفنية.لقد شارك في رسم ملامح فن القصة في وقت اشتد فيه التضييق على الحرف العربي بالجزائر، ومهد للخطوة الثانية التي سيسلكها الأدباء الشبان الذين ظهروا مع مطلع السبعينات.
7-الطاهر وطار (ولد 1936)
يعد الطاهر وطار أحد أعلام ، القصة الجزائرية المعاصرة، وقد أهلته موهبته الأدبية لشد نظر الأدباء والباحثين والقراء إليه وتعبر تجربته عن المجد الذي بلغه هذا الجنس الأدبي في الجزائر، إن وطار يمتلك قدرة عالية على التعبير الفني الجميل الخصب المركز خاصة ما كان منه في موضوع السياسة، فهي موضوعه الأثير، الطاغي على كل أعماله، وتتميز قصصه القصيرة باستيعابها لمعظم أساليب القصص التقليدية والحديثة، فهو يستخدم طريقة المذكرات، وأسلوب الرسالة، وتيار الوعي، وله لغة شاعرية ملحمية تتجلى أحياناً في قصصه، إلا أن ما يميزه عن تجارب جيله هو اهتمامه الشديد بإبراز الجانب العقائدي لمسير المجتمع الجزائري المعاصر والتناقضات الاجتماعية العميقة التي نشأت بين عدة اتجاهات فكرية كان في بعضها من يريد الاستحواذ على الأرض والإنسان واستغلالهما لصالحه الشخصي، بينما كانت هناك فئة تناضل من أجل مجتمع جزائري تمحي منه الفروق الطبقية ويسوده العدل والمساواة.أشاد الدكتور سيد حامد النساج بقدرة وطار الفنية وموهبته الأدبية العظيمة وإن المتأمل في كتاباته ليخرج بانطباع واحد لا يتغير، وهو أنه يملك قدرات ومواهب عالمية.ولا ريب أن وطار يعد من أبرز كتاب الجزائر المبدعين الذين أرسوا أصولاً فنية للقصة الجزائرية المعاصرة، وأثروا في جيل السبعينات الذي ظهر فيما بعد.فمهما اختلف النقاد، والباحثون حول مضامين أعماله الأدبية، فإنهم لن يختلفوا حول أصالته، وعمق تجربته، وصدقه الفني.وكأنه وهب قدرة لا حدود لها على رسم الشخصيات وانطاقها بالأفكار التي يريد التعبير عنها، كما اكتسب بطول المراس والتجربة سيطرة عالية على مختلف الأساليب الحديثة في الكتابة القصصية.
8-زهور ونيسي(1936)
زهور ونيسي من أدباء جيل الثورة التحريرية، وأبرز كاتبة للقصة القصيرة بين الأديبات الجزائريات، تتميز بغناها السياسي والاجتماعي والفكري والنضالي وتركيزها الشديد على عنصر المرأة الجزائرية، زوجة أو أماً مثقفة أو أمية، ريفية، أو حضرية، جندية في جيش التحرير أو مسؤولة في جبهة التحرير .ولقد عبرت عن هذه الصور الإنسانية في مجموعتها الأولى "الرصيف النائم" " خير تعبير، ثم ضمت كل قصصها إلى مجموعتها الثانية على الشاطئ الآخر ، ويعد موضوع الثورة والمعارك التي خاضها جنود جبهة التحرير في معاركهم مع الجيش الفرنسي من الموضوعات الأثيرة عندها، وقد أدى هذا الاهتمام إلى تكرار بعض الشخصيات والمواقف وإلى محافظتها على موضوعاتها القديمة، كاهتمامها بإبراز دور المرأة في حرب التحرير ، ولم تشهد هذه الموضوعات تطوراً يواكب تطور التعليم العربي، وتطور القصة الجزائرية نفسها بعد الظروف الجديدة التي أتاحها الاستقلال منذ عام 1962.فقد تمتزج القصة والخاطرة القصصية