لابد من أن تتوافر في القصص شخصيات مساعدة كثيرة تبلور الحدث وتسهم في إنضاج العقدة وتوضيح مواقف الشخصية المحورية.فشخصية (الناشر) في قصة "الكاتب" هي شخصية مساعدة ولا يشترط في القاص أن يتعمق في رسمها وتشخيصها إلا بما يخدم موضوعه فالناشر "لطيف جدا باسم الوجه باستمرار، لم تمنعه أسمالي البالية أن يعرض علي الجلوس في أوفر مقعد بمكتبه" ، ولكن رغم ما يبدو عليه من تواضع مصطنع، فإن بطل القصة قد أدرك -بقوة ملاحظته- أن مقعده أغلى وأفخم من المقعد الذي يجلس عليه ،وفي هذا إشارة إلى حقيقة مكانته الطبقية.ويتضح دور (الناشر) أكثر في تطوير الحدث، حيث أشار على الكاتب أن يفكر في قرائه قبل أن يفكر في التعبير عن الظروف الحياتية القاسية التي يعيش فيها اللاجئون الجزائريون .كذلك (الزبير) في قصة "محو العار"، فهو شخصية مساعدة ورغم كونه أحد "الحركيين" في صفوف المستعمر الفرنسي فإنه يتشوق للالتحاق بصفوف جبهة التحرير الوطني في الجبل، وقد ظل شعوره الوطني يتنامى إلى أن التقى ببلخير، حيث تأكد له صدق وطنيته، خصوصاً بعد أن خلصه من وشاية (احبايبية).ولا يهمل الكتاب إيضاح بعض ملامح الشخصية المساعدة، ولهم في ذلك طرائق متعددة، فقد نتعرف عليها من خلال تقويمها أفعال الآخرين على نحو ما قال الزبير عن صديقه بلخير: "إنه ليس بمجرد متطوع، بائع ضميره ونفسه أبداً ليس بلخير كذلك؟ إنما هو مجاهد مثل أخيه يرتدي اللباس الفرنسي يختفي فيه..رباه لو تصدق هذه الظنون" .وبعد ذلك تعاهدا على أن يحفظ كل واحد منهما سر أخيه، مهما كانت الظروف، وقد بلغ تطور وعيهما الوطني إلى درجة أن فرا من جيش العدو والتحقا بصفوف جيش التحرير، وذلك بعد عملية بطولية قتل بلخير فيها مجموعة من أفراد الجيش الفرنسي، وبعض الخونة الحركيين أو ممن شك في صدق مشاعرهم الوطنية .وإذا كانت ملامح شخصية (الزبير) الخارجية غير واضحة، ولم يركز وطار وصفه عليها فإنه قد اعتنى بالتعبير عن تطور وعيها الوطني، ووصف مشاعر الزبير الوطنية الصادقة.وقد كان دور (الزبير) مهماً في تطور الحدث القصصي، كما كان مساعداً على بلورة الشعور الوطني لدى الشخصية المحورية (بلخير).وأدت شخصية (الصحفي) في قصة "الزنجية والضابط" دوراً هاماً في بناء الحدث، وقد اهتم القاص بوصف مظهرها كي يعرف بوظيفة الصحفي الاجتماعية وهوية عمله ، كما صور بعض ملامحه الداخلية، وذلك من خلال تعليقاته من حين لآخر كقوله: "عندما يتنازل الجيش عن القيادة المباشرة، فيقين أن هناك ما هو أهم يشغل باله" .وتأتي صفاته المعنوية كذلك -خصوصاً