يمكن ملاحظة الطريقة الارتجاعية في ثلاث قصص ، لم يبلغ أي منها درجة الكمال أو الإتقان نظراً، لصعوبة ممارسة أساليب الفن القصصي بتقنياته الحديثة والمعاصرة.أما عن ظهور هذه"التقنيات" المتطورة في أدبه فترد إلى عامل الصدفة، وكذلك إلى تأثير تقنية الحكاية الشعبية في بنية قصصه.عرض حوحو حدث"صاحبة الوحي" من نهايته، ثم رجع إلى العناصر الأخرى كالمقدمة والعقدة.ونجح حوحو بعض النجاح في رسم لحظة التأزم لدى بطل القصة، حيث جعله يتردد عدة مرات في سرد قصته ، إلا أن أسئلة الصديق الكثيرة شجعته، وأطلقت عقدة لسانه، فانطلق يسرد قصة حبّه مع فتاة أحبها حباً مثالياً:"كانت ملاكي الطاهر المقدس توحي إلي كل يوم بآيات جديدة من الشعر "، إلا أن هذا الحب سرعان ما انهار عندما اكتشف فجأة أنها من البشر توجد لها رذائل وفضائل مثل بني جنسها .وفي هذه القصة بعض الضعف تمثله كثرة الجمل الوصفية، التي لا تخلو في معظمها من مبالغة .كذلك النهاية(المنفلوطية) لمصير الشباب، حيث الانزواء والاستسلام، وكأنها عادة من أبطال حوحو في القصص العاطفية.واستخدم حوحو الطريقة نفسها، وبنجاح أكبر في قصة"ثري الحرب" فسرد قصة"سي شعبان" من نهايتها.وقام عنصر الحوار ، بين الراوي وصديقه بوظيفة الإثارة والتشويق لدى الراوي للاستزادة من معرفة شخصية"سي شعبان"، بعد ذلك رجع صديق الراوي إلى الزمن الماضي-الحرب العالمية الثانية- وسرد حياة"سي شعبان"، وهكذا قاد الكاتب الحدث إلى بدايته، "فصور حياة سي شعبان"، حيث كان تاجراً، فقيراً، ثم ركز على تصوير حياته في أثناء الحرب العالمية الثانية، وتحوله إلى الجشع والتهافت على المال حتى تكونت لديه ثروة مالية كبيرة وارتقت أحواله الاجتماعية، فبنى مسكناً جميلاً، وطلق زوجته وبنى بأخرى، وصار وجيهاً في المدينة، فعوض بأصدقائه ومعارفه ثلّة جديدة شرعت في نهب أمواله، ولم تتركه حتى فقد كل ثروته وأملاكه، فانفضوا من حوله، حتى زوجته الجديدة جمعت ما استطاعت وهربت إلى حيث لا يعلم، فلم يجد أحداً يبسط له يد المعونة.وقد ختم حوحو الحدث بتعليق وعظي، على عادة معظم الأدباء الإصلاحيين ثم أورد حواراً قصيراً بين الراوي وصديقه استخلص فيه العبرة من قصة حياة"سي شعبان" وعده نموذجاً للإنسان الجشع ثري الحرب.واستعمل أيضاً الطريقة السابقة، في عرض حدث قصته"التلميذ" التي استوحى موضوعها وأحداثها من سيرة"دروت" قائد جيوش"نابليون" الأول، وقد ذكر ذلك في مقدمة تاريخية استهل بها قصته، تحدث فيها عن طفولته، وكفاحه ضد الفقر ووضعه الاجتماعي الضعيف، وتفوقه على أقرانه في امتحان الدخول إلى الكلية الحربية.بعد ذلك ترك حوحو الفرصة لـ"دروت" لكي يسرد قصة حياته فانتقل من الزمن الحاضر الذي هو زمن السرد، إلى الزمن الماضي الذي شهد وقوع الحدث مستخدماً ضمير المتكلم، وركز خصوصاً على تصوير لحظة الانتصار، بعد أن نجح في الاختيار بتفوق .
بناء الشخصيات
أ- الطريقة التحليلية
يكاد حوحو يستعمل الطريقة التحليلية في كل قصة، وقد ذكر في مقدمة مجموعته"نماذج بشرية" أنه التجأ إلى المجتمع وانتزع من مختلف طبقاته نماذج عاش مع بعضها أو سمع عن بعضها حيث قال: نماذج حية أقدمها للقارئ لعله يتوصل بها إلى تفهم بعض طباع مجتمعه، فيلمس أنبل نفس في أحقر شخصية" .
الشخصية المحورية
استخدم حوحو الطريقة التحليلية في بناء الشخصية المحورية في قصة"القبلة المشؤومة"، وقد صور الراوي بعض ملامحها من خلال إعجابه بأفكار بطل القصة"وكان يروقني منه ظرفه، وحسن أخلاقه وسذاجته" وكان لعنصر الحوار أيضاً فضل وصف شخصية القصة وحيرته وقلقه، حيث يلح الراوي على صديقه أن يشرح له سبب حزنه: "ماذا دهاك يا صديقي الصغير؟ فإني أرى جوّك ملبداً بالغيوم؟ قال وهو يحاول أن يبتسم: -لا..لا شيء -قلت: لكن الحزن يبدو على وجهك؟ في عينيك