مصادر إبداع الشخصيات: استقت القصة الجزائرية القصيرة شخصياتها من مصدرين هما: الواقع، والخيال وعلى ذلك عول الكتاب في رسم الحدث الفني والشخصيات.وسنتناول مصادر إبداع الشخصيات بدراسة كل مصدر على حدة، كي نوضح آثاره في فن القصة القصيرة الجزائرية.
أ-الواقع
استمد كتاب القصة القصيرة معظم شخصياتهم من الواقع الحياتي، وذلك بعد أن انحسرت الشخصية الرومانسية أمام تدفق ملامح التيار الواقعي إثر الإعلان عن الثورة التحريرية في فاتح نوفمبر 1954، حيث ارتبط الكتاب "بالنضال الوطني من أجل الحرية والدفاع عن الأرض والشرف والكبرياء ، وقد تحدى الدكتور خليفة ركيبي في مقدمة مجموعته القصصية "نفوس ثائرة" النقاد، بأن ينفوا عن قصصه واقعيتها .كما اعترف وطار بأن الحياة هي أهم مصدر لشخصياته الأدبية، وأنه يختارها من معارفه وأقاربه ومن محيطه في مقر عمله، وأن هذا لا يعني أنه يصور هذه الشخصيات بطريقة المؤرخ، وإنما يضفي على الشخصية الواقعية ظلالاً ومعطيات أخرى تتراوح بين 70 و 80% من عنده، كما أنه يقوم بتركيب صفات عدة أشخاص، ويجعل منها شخصية واحدة على نحو ما فعل في رسم شخصية (عيسى بوعين)، أو كما فعل في هذه القصص القصيرة: "الطاحونة"، و "الأبطال"، و "الطعنات"، و "الخناجر"، و "الزنجية والضابط" .فبعضها منتزع من شخصيته، وبعضها الآخر منتزع مما عرفه في الآخرين إلا أنه يمكن التمييز بين ثلاثة مصادر واقعية في القصة الجزائرية وهي:1-المصدر الثوري2-المصدر السياسي3-المصدر الاجتماعيوحتى تتضح هذه الاتجاهات، فإننا نقوم بتحليل نموذج واحد نعده مثالاً لشخصيات كثيرة، وذلك تجنباً للتكرار:
1- المصدر الثوري
تشكل الثورة التحريرية أهم مصدر للشخصيات القصصية، فقد طغت على معظم الشخصيات القصصية عند كتاب جيل الثورة، كما أنها لاتزال تكون أحد المنابع الأساسية لإنتاج الجيل الجديد، جيل السبعينات نظراً للأثر العميق الذي تركته الثورة في نفوس الجزائريين، ولا سيما هذه الحرب التي أثرت أيضاً في بناء إنسان جزائري جديد، وصداها الإنساني العميق في نفوس كثير من أعضاء حركات التحرر خصوصاً في العالم الثالث.وقد تنوعت شخصيات هذا الاتجاه تنوعاً غزيراً، فهناك شخصية القائد، وشخصية الجندي، وشخصية الفدائي، وشخصية رجل المخابرات، وشخصية رجل الإعلام.وظهرت في القصص عدة أسماء حقيقية لبعض قادة الثورة، وبعض الفدائيين مثل (حسيبة بن بوعلي)، و (علي لا بوانت)، و (فطومة)، و (الزهراء ظريف) و (جميلة بوحيرد) ، كما تناول بعض الكتاب سيرة قادة الثورة وحولوها إلى قصص قصيرة تتفجر بالروح الوطنية، وبالبطولات العظيمة.ومن هذه الشخصيات التي تصور حياة بعض القادة الحقيقيين، شخصية القائد الشهيد (عميروش) ، وشخصية (مصطفى بن بو العيد) في قصة "قرنفل زينب" .ويصعب حصر جميع هذه الشخصيات التي استقاها القاصون من الواقع التاريخي للثورة الجزائرية، أو الشخصيات الواقعية التي عبرت عن حياة المجاهدين، ومعاناة الإنسان الجزائري، ونضاله الطويل ضد المستعمر، ولذلك فسوف نركز على شخصية الجندي كما صورتها قصة "قريتنا تتحدى" .في القصة ثلاث شخصيات تصور الحدث: إلا أن الراوي وهو أحد الجنود، وأحد هذه الشخصيات الثلاث ركز اهتمامه في أثناء تداعيه على شخصية (المختار) إذ اهتم بملامح شخصيته الخارجية، كما اعتنى بإبراز صفاته