بتصويره والتشهير به، ونفذ حكم الثورة فيه (قصصياً) ولعلنا نعثر على نموذجين:
1-المتعاون مع المستعمر ضد شعبه.
2-الإقطاعي الذي يخون شعبه.
وكلاهما يتقمصان شخصية المستعمر لقربهما منه، وهناك شخصية الإداري الذي يعرقل سير الثورة وانتشار مبادئها.
وتتجلى ملامح هذه الشخصيات خصوصاً في كتابات الطاهر وطار قبل الاستقلال وبعده.
ونقدم فيما يلي بعض ملامح شخصية الخائن بإيجاز تجنباً للتكرار، حيث أن صورته متشابهة في معظم الإنتاج القصصي، وتكاد تمثل وجهاً واحداً.
ففي قصة "الغيم ، يقبض شرطيّ خائن على (الحسين) وينهب منه كل سجائره وعندما يتوسل إليه بأن يخلي سبيله، وألا يكون سبباً في قطع مورد رزق أسرته المؤلفة من ستة أفراد، يشتم الشرطي أم الحسين ووالده..
ويبتعد هو وصاحبه الفرنسي: "ومضى بعد ذلك مع زميله، وهما يتضاحكان ويدسان العلب في جيوبهما ".
وتعرض قصة "اليتامى" صورة المسؤول الفلاحي الذي يعرقل سير الإصلاح الزراعي، ويستغل عمال الضيعات الفلاحية لصالحه الشخصي ويسرق العتاد الفلاحي الممنوح للضيعة، ويكوّن أملاكاً وأموالاً مما كان يزوّره من حسابات دخل المزرعة، وقد نجح القاص في رسم ملامح الشخصية على لسان الفلاحين والعمال البسطاء الذين يعملون تحت أمرته، كما استعان بأسلوب التداعي لتصوير شخصية المفوض العمالي للفلاحة الذي هجر مبادئه وإحساسه بأنه جزء من الفلاحين والعمال عندما رقي إلى منصب (مفوض عمالي للفلاحة)، وصار يستعمل كلمة (نحن) ليدل على أنه من طبقة المسؤولين..
وقد أشار القاص إلى تبدل صوته ليدل على تنكره لمبادئه وأخلاقه، وتبدو براعة القاص في توظيفه الموفق للحكاية الشعبية "بقرة اليتامى" ، التي ترمز في القصة إلى الثورة الاشتراكية.
وهكذا وقف القاص الجزائري موقفاً عدائياً من عناصر هذه الفئة وأورد صورتها على لسان الشيخ (عبد الواحد)، الذي لا يخلو اسمه من إيحاء، كما أن عمره يسمح له بأن يقيم هؤلاء تقييماً سليماً، فقد قال عن المفوض العمالي الفلاحي إنه "يبدو كالطبل المثقوب" ، مشيراً بذلك إلى استغلال هذه الفئة للفلاحين، وثرائها الفاحش على حساب العمال الحقيقيين، وتبدو بطلة قصة "زوجة الشاعر" متميزة من خلال تصرفاتها الغريبة التي تقوم بها داخل الفندق، حيث تتظاهر بالغنى والتميز الطبقي، وذلك من خلال تغييرها لملابسها، وكلامها على أنواع الخمور في أثناء أحاديثها مع زوجات العمال.
لقد نجح القاص في تصوير هذه الشخصية المحورية، وتمكن من خلالها رصد واقع طبقة المثقفين البرجوازيين، وأنماط تفكيرهم وطباعهم.
وعلى كل حال فإن شخصية الخائن متكررة بملامحها السيئة في معظم الكتابات القصصية نظراً لاتفاق الكتاب على انحرافها، وخيانتها لوطنها وإن صفاتها واحدة كالطمع والجشع وضعف الشخصية وترد غالباً ملازمة لشخصية الأجنبي الذي سنتكلم عنه فيما يلي:
4-شخصية الأجنبي
يعود سبب اهتمام الأدباء الجزائريين بتصوير هذه الشخصية إلى وجودها غير الطبيعي والمفروض على واقع الإنسان الجزائري، وقد أدى هذا الواقع الشاذ إلى نشوء علاقة تقابلية ، حادة بين المجموعتين:
1-مجموعة المستعمر (بكسر الميم)
2-مجموعة المستعمر (بفتح الميم)
فإذا كانت المجموعة الأولى تحاول الحصول على المزيد من الامتيازات والنفوذ حتى تتحكم أكثر في كل الثروات الوطنية المادية والمعنوية، فإن المجموعة الثانية تسعى إلى تنظيم نفسها من أجل تكوين قوة تساوي أو تفوق قوة المجموعة الأولى تمهيداً لخوض صراع مباشر وعنيف حتى تسترد حقوقها المغتصبة، وتسترجع ما افتكته منها المجموعة الأولى بالقوة والاغتصاب وتجعل المسار التاريخي لصالح مجموعتها البشرية.
كما تعود بعض الأسباب أيضاً إلى مظاهر العنف الخالية من أية علامات إنسانية التي كانت المجموعة الأولى تعامل بها عناصر المجموعة الثانية، وارتكابها جرائم وحشية، وذلك على عكس ما زعمته في أثناء اتصالها المباشر الأول بأرض المجموعة الثانية، وقد أدى إلى إصرار المجموعة الثانية على أن تسترجع حقوقها المادية والمعنوية المغتصبة، مهما كلفها ذلك من ثمن باهظ.
فمن الطبيعي أن تكون صورة الفرنسي هي صورة المستعمر المستغل والمغتصب، وهي الصورة التي انطبعت في أذهان الكتاب الجزائريين عموماً.
بل إن الذهنية الشعبية ترى الفرنسي مصدراً للشر والدمار والخراب