2- سيرته مع نائب المجلس البلدي وكاتبته - تطور البنیة الفنیة فی القصة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
ظاهراً جلياً؟" .
وعلى هذا النحو ارتسمت شخصية"سي شعبان" في قصة"ثري الحرب" وقد جاءت على لسان الراوي منذ مقدمة القصة.
ورغم أن شخصية، "سي شعبان" تبدو نامية ومتطورة، فإنها لا تتحرك، بحرية داخل القصة، إذ نحس أن شخصية الصديق هي المحرك الرئيسي، وأنها تتحرك بإرادته وأوامره.
تلك خطة تتلاءم مع المعنى القصصي العام.
فشخصيته قبل الحرب تتصف بالقناعة، والجدّ في العمل والرضى بما يكسبه من محله، إلا أنه ما إن كادت الحرب العالمية الثانية تشتد حتى رمى بكل أخلاق مهنته، وتحول إلى تاجر سمسار، جشع، ثم صار من أكبر الاستغلاليين، وقد سوغ تصرفاته الجديدة بمبدأ وضعه لنفسه هو: "الربح حلال ومشروع ما دام مصدره التبادل التجاري، ورضا الطرفين البائع والمشتري.
إلاّ أن بناء شخصية"سي شعبان" غير موفق نظراً إلى طول الزمن القصصي الذي استغرقته الأحداث، التي تكاد تكون روائية لا قصصية، إذ لا يمكن عرض حياة إنسان بوساطة الإمكانيات الفنية للقصة القصيرة، كما أن شخصية"سي شعبان" تفتقر إلى البعد النفسي ، بسبب خلوها من الصراع، حيث بدت وكأنها دمية تحركها أيدي الراوي، كيفما شاءت، وهي بذلك تفتقر إلى التطور السببي الذي يرتكز إلى منطقية الأحداث والعلاقات بين أجزاء العمل الأدبي.
وفي قصته"صديقي الشاعر" ركز القاص على عنصر السرد لتصوير ملامح الشخصية الخارجية والداخلية، وهو الأمر الذي نتج عنه خلو القصة من الأفعال الصادرة عن الشخصية المحورية.
وأدى هذا بدوره إلى خلوها من العنصر الدرامي الذي يعبر عن صراعات البطل ونشدانه الخير مع قوى الشر المتمثلة في مجموعة"الشعراء التقليديين" .
ومما أضعف بناء هذه الشخصية أيضاً أن حوحو لم يكن يعنى بالفن قدر عنايته بتصوير النماذج الإنسانية، ونقد الظواهر السلبية.
ولقد كان بإمكانه-لو اعتنى بالجانب الفني- تقديم قصة ناجحة، لو لم يجعل الشخصية تستسلم ببساطة دون أن تبدي أية مقاومة قبل أن تنطوي على نفسها، شأنها شأن العديد من شخصيات قصصه.
ولو استغل عنصر القوة التي تمتلكها شخصيته-رغم ضعف بنيتها الجسمية- والمتمثل في خصب موهبته الأدبية لتمكن-فعلاً- من أن يقدم نموذجاً عالياً لشخصية الجيل الأدبي الجديد الذي ظهر بعد الحرب العالمية الثانية، مبشراً بثقافة أدبية، وأساليب فنية حديثة.
كما أن شخصية قصة"الشيخ زروق" مرسومة بالطريقة التحليلية"رجل في العقد السادس من عمره، ضخم الجثة، كثيف اللحية، أسمر اللون، ذو مهابة ووقار "، وقد عرض الكاتب بعض صفاته الأخرى من خلال الشائعات التي دارت حوله بين سكان القرية ، وتأنيب زوجته له، بعدم اهتمامه بأمور بيته وأولاده .
وسخّر حوحو عنصر الحوار بينه وبين الشاب لإظهار أخلاق الشيخ زروق الذي وظف الدين كوسيلة للتجارة، كما عبّر حواره مع زوجته عن شخصيته المنافقة .
ويظهر اعتماد حوحو أكثر على هذه الطريقة في بناء شخصية"عائشة" التي تميزت بالتطور، حيث قدمها في بداية القصة في صورة فتاة ريفية ساذجة، ومستغلة من طرف مجتمعها الريفي شأن كل بنات جنسها، إلا أنه في نهاية القصة قدمها في صورة نموذج للمرأة الواعية التي تعمل على نشر الأفكار الجديدة، وذلك بعد أن احتكت بالمدينة وعرفت بيئاتها.
إلا أن كثرة هذه البيئات التي انتقلت(عائشة) بينها، وتعدد الأعمال التي قامت بها، والمبالغة في عرض تطور وعيها.
هذه العوامل أضعفت البناء الفني، وأفقدته الكثير من عناصر التركيز.
وقد استعمل الطريقة التحليلية أيضاً في قصة"العصامي" ، وقصة "العم نتيش" و"سيدي الحاج" ، و"سي زعرور" .
فشخصية(سي زعرور) معروضة من خلال حكايتين عبرت كل منهما عن جانب من جوانب شخصيته: 1- حياته مع مدير المدرسة، وقد تميز هنا بخصال حميدة، حيث رفض الاستجابة لرغبات المدير في أن يرفع علامات أحد التلاميذ.
2- سيرته مع نائب المجلس البلدي وكاتبته
حيث تميز هنا بالدهاء والمكر، والاحتيال، وهي نقيض الشخصية الأولى تماماً.
وقد تمكن من أن يستولي على كل الثروة التي سرقها النائب وكاتبته من مشاريع البلدية.
ولا تخلو هذه الصور من المبالغة، إذ لا يعقل أن معلماً جزائرياً بسيطاً-زمن الكتابة- ينتصر القضاء الفرنسي له أمام موظفين فرنسيين؟ ولو أن القاص اكتفى بالقصة الأولى، وركز على تصعيد العنصر الدرامي بين المدير الجشع المستغل، و(سي زعرور) المعلم المخلص النزيه لقدم شخصية فنية مركزة.
ومهما يكن فإن استعمال حوحو للطريقة التحليلية في بناء الشخصيات المحورية كان