أحمد رضا حوحو رائد القصة الجزائرية القصيرة.سنتوقف عند تجربة أحمد رضا حوحو القصصية بشيء من التركيز والتفصيل لما فيها من ثراء وطرافة.سواء من حيث الموضوعات القصصية، أو من حيث تنوع الأشكال الفنية التي استعملها.وسنقصر الحديث على العناصر البارزة في تجربته القصصية.وقد مهدنا لذلك بكلمة موجزة عن وعيه الأدبي، وصدى تجربته بين الباحثين.فقد كان له أثر كبير في تطور القصة الجزائرية الحديثة، وفي إرساء قواعدها الفنية.
أولاً: تمهيد
في مصادر ثقافته واهتماماته الأدبية.
1- الوعي الأدبي لدى أحمد رضا حوحو
بذل أحمد رضا حوحو جهوداً جبارة من أجل تكوين شخصيته الأدبية، والثقافية فكان يطالع الثقافة العربية الإسلامية، ويجهد نفسه للإلمام بخصائص الثقافة المعاصرة، خصوصاً معالمها وآدابها المدونة باللغة الفرنسية التي يتقنها إتقاناً جيداً.وقد أهلته مؤهلاته العلمية، وإمكاناته الأدبية والفنية لأن يتبوأ منزلة الصدارة بين المثقفين والأدباء الجزائريين باللغة الوطنية طيلة عشر سنوات(1946- 1956م)، ولو امتد به العمر، لكان له اليوم فتح عظيم، وشأن كبير لا في الأدب الجزائري المعاصر فحسب، بل في الأدب العربي عموماً.وقد عملت الظروف الاجتماعية التي نشأ فيها، والمراحل التي مر بها في حياته على تنويع مشارب ثقافته، وتعد مدة إقامته في الحجاز(1935- 1945) من أهم عوامل تكوينه الشخصي وأهمها تأثيراً وأخصبها في إغناء فكره الأدبي.كما جعلته هذه الظروف ينظر إلى الأدب خصوصاً، والفن عموماً نظرة مثالية مطلقة ، هذا مع أنه ألح في مقدمات قصصه، وفي مقالاته على واقعية الأدب، وضرورة استلهام روحه الاجتماعية.وإحساساً منه بقيمة الأديب وبدوره في تطور مجتمعه، فقد أهدى مجموعته القصصية الأولى صاحبة الوحي وقصص أخرى ، إلى كل أديب إذ قال((إلى من يفني نفسه في ملاذه الفكرية.ويعيش في متعة الحيرة والألم..إلى الأديب) وفي كتابه "مع حمار الحكيم" فصول خصصها لإبراز رأيه في قضايا أدبية وفنية واجتماعية، وذلك من خلال اصطناع حوار بينه وبين شخصية(الحمار) المتخيلة أبان فيه مفهوم الأدب ورأيه في وضعية الأدب الجزائري في عهده.فقد أجاب الحمار عن سؤال وجهه إليه صاحبه حول رأيه في الآداب والفنون بقوله((الآداب والفنون هي المقياس الصادق لأحوال الأمم، وهي الميزان الصحيح لقوة إنسانيتها، وشرف عاطفتها، وسمو روحها، فهي ليست من الكماليات وليست طلاء خارجياً كما يتوهم، بل إنها أساس لابد منه لرقي الأمة وحفظ كيانها.) وخلص حوحو، بعد أن قدم عرضاً عن مفهومه للأدب الجديد، ودوره في رقي المجتمعات وتطورها إلى نتيجة تصور نظرته المتشائمة لواقع الحركة الأدبيّة الجزائرية، وهي التي كثفها في هذه الجملة"لا يسعني إلا أن أقول قولاً واحداً، وهو: ألا أدب عندنا ولا فن عندنا"