نجد ضمير الغائب متواتراً في معظم الإنتاج القصصي الجزائري فهو عند ابن هدوقة ودودو، ووطار وغيرهم.فقد استعمله ابن هدوقة في قصة "زيتونة الحب" وكان اختياره لهذا الضمير موفقاً خصوصاً في الدلالة على الزمن الماضي.وقد نتج عن ذلك ثراء القصة بالأفعال الماضية كهذه الجملة التي وردت فيها هذه الأفعال "ولما سمعت هذا التصريح قامت مضطربة، وكانت تحس برعشة أخذت تسري في جسمها.." واستخدمه ابن هدوقة أيضاً لتصوير بعض البيئات الغارقة في العادات والتقاليد البالية، من دون أن تقع في التعاطف مع البيئة الريفية.وجاء سرد قصته "عاشقة القيثارة" بضمير الغائب مناسباً للحدث ولتصوير موقف القاص من العادات والتقاليد وسلوكات التربية المحلية التي تعرقل نشاط الشباب، وقد عبرت بطلة القصة عن تذمرها من قيود هذه التربية، ومضايقة والديها نشاطها وحريتها حتى إنها "كانت تريد مثلاً لولا خشية والديها التردد على المقاهي الأوروبية كسائر الفتيات الأوروبيات، فتجلس على قارعة الطريق تراقب وتنظر..تنظر..ومما يلفت الانتباه في هذه القصة أن القاص يكثر استعمال الفعل الماضي الناسخ "كان" بكثرة بقصد الإيماء إلى تقليدية ثقافة الوالدين في المجال التربوي، وضيق أفقهما، وهذا ما أكدته الفقرة الأخيرة في القصة..وإذا كانت نهاية القصة قد عبرت عن حلم القاص في إزالة عادات وتقاليد نشأ عليها الآباء هي في مجملها لا تتماشى وواقع الشباب، وطموحات الجيل الجديد، فإن تصويره لأخلاق الشباب الفرنسي "كحلم" ينشده الشباب الجزائري لا يعد حلا سليماً، وعلاجاً مناسباً لإزالة الضار، بل هو من باب التعويض بما هو أكثر منه ضرراً، والأفضل في هذه الحالات الإبقاء على عاداتنا، وتقاليدنا والتمسك بها مهما كانت.فذلك خير لنا من الانسلاخ عن شخصيتنا، والعيش على هوامش المجتمعات الأخرى وعاداتها.ويوحي توظيف ابن هدوقة لضمير الغائب في قصة "الأشعة السبعة" إلى التعجيل بنهاية المستعمر، والانتقال بوجوده من الحاضر والمستقبل إلى زمن القصة الذي هو الماضي، وقد تحقق بهذا الانتقال خلاص الشعب من العبودية، وهذا ما نجح القاص في التعبير عنه، ولقد أدى الضمير هنا معنى غياب المستعمر ورحيله وإلى ذلك أشارت نهاية القصة .ولضمير الغائب في قصة "سامر الحي" ، دور كبير، أو هو الأداة الفنية -الأولى المعتمدة في عرض الحدث القصصي الواقع خلال زمن ماض، ونلمح عند أبي العيد دودو كثيراً من صيغ هذا الضمير، خصوصاً في قصصه الأولى، كـ "الحبيبة المنسية" ، وقصة "أم السعد" ، وقصة "حجر الوادي" مما أعانه على إبراز الحدث وتصويره.وتجب الإشارة إلى أن (ضمير المفرد الغائب) يكاد يكون الضمير الوحيد المستعمل عند دودو في أثناء السرد، أما في الحوار فله (ضمير المخاطب) عندما يكون الحديث بين