يعتمد القاص في هذه الطريقة على الوثائق والرسائل والمذكرات في أثناء معالجته الموضوع الذي يدير قصته حوله.
عناصر الحدث
يوجد للحدث القصصي عنصران أساسيان، هما المعنى والحبكة وسنعرض لهما بإيجاز:
أ- المعنى
للمعنى في القصة القصيرة، أهمية كبرى.فهو عنصر أساسي، بل يعده بعض الدارسين أساس القصة، وجزءاً لا ينفصل عن الحدث، ولذلك فإن الفعل والفاعل، أو الحوادث والشخصيات يجب أن تعمل على خدمة المعنى من أول القصة إلى آخرها، فإن لم تفعل ذلك، كان المعنى دخيلاً على الحدث، وكانت القصة بالتالي مختلفة البناء.فالقصة الفنية تكتمل بالمعنى الجيد الذي يخدم الإنسان ويطوره.وما كل معنى يلقى الترحيب عند المتلقين أو النقاد.وبلا ريب فإن المعنى الجيد يشارك في انتشار النص القصصي، ومن ثمة فإن دوره يكون أعمق أثراً وأكثر عملاً على تغيير الظواهر المدانة من طرف النص الأدبي.
ب- الحبكة
نعني بالحبكة تسلسل حوادث القصة الذي يؤدي إلى نتيجة، ويتم ذلك إما عن طريق الصراع الوجداني بين الشخصيات، وإمّا بتأثير الأحداث الخارجية.ومن وظائف الحبكة إثارة الدهشة في نفس القارئ في حين أن الحكاية لا تعدو أن تكون إثارة لحب الاستطلاع لديه، وبين حب الاستطلاع وإثارة الغرابة أو الدهشة فرق كبير، من حيث التأثير الفني.والحبكة هي المجرى العام الذي تجري فيه القصة وتتسلسل بأحداثها على هيئة متنامية، متسارعة، ويتم هذا بتضافر كل عناصر القصة جميعاً.فالأحداث يجب أن تكون مرتبطة بمبدأ السببية بالرغم من أن بعض القاصين يعتمدون على عناصر أخرى في رسم الأحداث المفاجئة، كاستلهام تدخلات عامل الصدفة، وهذه وسائل يمجها الذوق الفني الرفيع، ويلجأ إليها القاصون السطحيون ذوو الضعف الفني.والحبكة نوعان:1- يعتمد فيها تسلسل الأحداث.2- يعتمد فيها على الشخصيات.وما ينشأ عنها من أفعال، وما يدور في صدورها من عواطف، ولا يجيء الحدث هنا لذاته، بل لتفسير الشخصيات التي تسيطر على الأحداث، حسب رغبتها، وطاقتها.هذا فيما يخص الحدث وعنصريه الأساسيين، وفيما يلي حديث عن الخبر وعناصره في العمل القصصي.
2- الخبر القصصي(الموضوع)
الخبر في الأصل اللغوي يعني نقل معنى ، ولهذا النقل وسائل عديدة، أخذت في التطور منذ طفولة الإنسان الأولى إلى أن بلغت الآن آفاقاً واسعة بفضل وسائل الإعلام العصرية.وليست كل الأخبار التي نسمعها، أو نقرأها يومياً أخباراً فنية إذ للخبر الفني القصصي شروط أولها أن يحدث أثراً كلياً، ولا يتحقق هذا الأثر إلا إذا صور حدثاً متنامياً من خلال المقدمة، والعقدة والخاتمة.وبهذا يتميز الخبر الفني، عن الخبر الذي يصلنا عن طريق وسائل الإعلام المسموعة أو المرئية أو المقروءة.وأورد فيما يلي نموذجاً إخبارياً يحقق أثراً كلياً، ولكنه يفتقر إلى الصفة الفنية لأنه لا يحقق الحدث القصصي الذي يعد ركيزة أساسية في القصة، بحيث لا يمكن الاستغناء عنها((من المحقق أن سيدة تسمى مادونا بياتريس عاشت فعلاً في فلورنس في عصر دانتي، وكانت تنتمي إلى أسرة فلورنسية تدعى أسرة بوتيناري، وقد عرف عن هذه السيدة الجمال وحسن الخلق، وأعجب بها دانتي وأحبها، ونظم الأغاني في مدحها.وبعد موتها أراد أن يعلي اسمها، ومن ثمة ظهرت عدة [كذا] مرات في قصيدته الكبيرة الكوميديا الإلهية.وعلى هذا فإن للخبر القصصي شروطاً منها:1- أن يكون ذا أثر وانطباع كلي.2- أن تتصل تفاصيله، وأجزاؤه وتتماسك تماسكاً عضوياً، فنياً لتوافر الوحدة الفنية في العمل القصصي.3- أن يكون ذا بداية، ووسط أو عقدة، ونهاية أو لحظة تنوير.فإذا كانت.كل كتابة، تنقل خبراً فليس شرطاً، أن كل كتابة فنية.فللكتابة الفنية شروط ينبغي توفرها، وإلا كان الخبر عادياً، وخاصة حين لا يتوفر على عنصري الأثر الكلي، أو الحدث القصصي، وهما الشرطان المهمان في أية قصة فنية، ومن دونهما تظل القصة مبتورة، وعلى القاص أن ينتبه لهذين العنصرين، وأن يعي جيداً الحدود الفاصلة بين الفن واللافن.هذا ما كان من شأن الخبر ودوره في القصة القصيرة الفنية، ونعرض فيما يلي لعناصر الخبر الأساسية.
أ- المقدمة(البداية)
يتفق نقاد القصة القصيرة في معظمهم على أهمية مقدمتها، وقد شدّد: يوسف الشاروني