تفتقر قصص حوحو أحياناً إلى الشخصية المساعدة، ومرد ذلك إلى اعتماده على أسلوب الحكاية البسيطة في السرد، فكثير من القصص يبدأ بحوار بين شخصيتين: الأولى تقوم بدور الشخصية المحورية، والثانية تقوم بدور الراوي الذي يعيد سرد القصة التي روتها له الشخصية الأولى، وغالباً ما تحمل الشخصية المحورية صفات حوحو نفسه، وقد أشار إلى ذلك عدة مرات في مقدمات قصصه .وغالباً ما يعرض الشخصية المساعدة بوساطة الطريقة التحليلية، ونلاحظ ذلك في قصة"فتاة أحلامي" و"الفقراء" و"خولة." ففي قصة" فتاة أحلامي" ، ترد ملامح شخصية(بولوني) على لسان الشخصية المحورية، فقد عرف الكاتب بها خلال السرد، على امتداد النص القصصي تعريفاً وافياً، وأظهر ملامحها الخارجية وجهد لجعلها واقعية بذكر اسمها ومقر عملها وعمرها مما يناسب سرد الأحداث ، وجاءت بعض صفاتها المعنوية على لسان الراوي، خصوصاً سخريتها الشديدة التي تهاجمه بها.، لكن اعتماد القاص على عنصر السرد المباشر في عرض الأحداث القصصية، كان له أثر في إضعاف بناء شخصية(بولوني).واستعمل حوحو الطريقة نفسها في قصة الفقراء ، لعرض شخصياتها رغم كثرتها، وتنوع أحداثها، وقد مهد لذلك بتصوير البيئة القصصية ، التي كانت مناسبة للحدث، حيث ساعدت على تطوره، وبلورة معناه.وركز القاص عنصر الحوار لإبراز ملامح شخصية الصياد الإنسانية في حوار قصير بين الزوجة والزوج في آخر القصة، وهو لا يخلو من إيحاء إلى المعنى القصصي الذي أورده في مقدمة القصة ."قومي أيتها المرأة اذهبي حالاً أءت بهما سنكتفي الليلة بشربة ماء ونطعمهما وسأضاعف الجهود، أخذه العجب حينما رأى زوجته ثابتة في مكانها، لم تتحرك فبادرها بقوله: - مالك لا تتحركين ألم يعجبك هذا الكلام وأرسلت الزوجة زفرة حارة من أعماق صدرها، ورفعت ستائر السرير الممزقة وقالت: - ها أنظر ها هنا.." أما الشخصيات المساعدة في قصته"خولة" فهي كثيرة متنوعة، إلا أننا سنكتفي من بينها بشخصية واحدة تلخصت فيها جل صفات الشخصية المساعدة وهي شخصية جارة والدة(أم سعد)، الأرملة العجوز(سلمى).وقد جاءت ملامحها في أثناء السرد، والقاص موفق هنا في تصوير ذكائها وحيويتها، حيث غيرت مجرى الحدث الفني بعدما كان متجهاً نحو زواج(خولة) من صالح ابن شيخ القبيلة المجاورة، ولكنها بفضل ذكائها وحيلتها يسرت فرار(خولة) من خيمة زوجها المنتظر لتلحق بـ(سعد) ابن عمها وحبيبها .فقد سعت العجوز(سلمى) ليلاً إلى(سعد) بعد أن استغفلت والدته وأخطرته بأن(خولة) على قيد الحياة على عكس ما ذكرته والدته له، ثم دبّرت أمر اختطافها، وخططت لذلك بتوفيق ونجاح، كما قامت بدور الوسيط بين(سعد) و(خولة) إلى أن حددت لهما مكان اللقاء وموعده للفرار .وهكذا جعلنا الكاتب نتعرف على صفاتها المعنوية من خلال تحليل هذه الأحداث، على أن حضور الشخصية المساعدة في قصص حوحو قليل، ورغم هذا فقد أتقن رسم النماذج الموجودة فيها، وجعل بعضها يحدث تغييراً كبيراً في اتجاه الحدث، على نحو مالاحظناه في شخصية العجوز(سلمى) في قصة"خولة".وإلى جانب هذا النوع من الشخصيات، هناك الشخصية المضادة الواقفة كطرف نقيض يمنع نشاط بطل القصة، ويعرقل أمله، وهو مجال تحليلنا فيما يلي.
3- بناء الشخصية المضَادّة
تكاد ملامح هذا النوع من الشخصيات تتكرر في كل قصة، وقد اهتم الكاتب برسم صفاتها المعنوية، وما يداخلها من كره وحقد وطمع، وإثارة الرعب وعرقلة الشخصيات التي قامت بأدوار خيرة.ولم تشذ عن هذه الصفات سوى الشخصية المضادة في قصة"فتاة أحلامي" التي تظهر فيها آثار الأدب القصصي الرومانسي، والثقافة، الفرنسية التي ترجم حوحو منها أعمالاً أدبية متنوعة.ففي هذه القصة صورة"نموذجية" للجمال الأنثوي حيث تجمع فيها كل الجمال، وكل الحسن، حتى لتكاد القصة تؤول إلى معجم لألفاظ الغزل وأسماء آلهة الجمال والحب والأوصاف المبالغ فيها .وبذل حوحو في هذا كل قدرته التخييلية على عكس ما ذكره في مقدمة: "صاحبة الوحي" من أنه اعتمد على الواقع المعيش، وقوله: "لم ألجأ