الماء المنزل من السماء و هو المطر ، فلا دلالة فيها على طهورية مياه الارض من ماء البحر و البئر و نحوهما .
و هذه المناقشة لا ترجع إلى محصل .
و ذلك لما ورد في جملة من الآيات و بعض الروايات ( 1 ) من ان المياه بأجمعها نازلة من السماء : إما بمعنى ان الله خلق الماء في السماء فهناك بحار ، و شطوط ، ثم أنزله إلى الارض فتشكل منه البحار ، و الانهار ، و الشطوط ، و الآبار .
أو بمعنى ان الله خلق الماء في الارض إلا أنه بعد ما صار أبخرة بأشراق الشمس و نحوه صعد إلى السماء فاجتمع و صار ماء ، ثم نزل إلى الارض كما هو مذهب الحكماء و الفلاسفة و هذا المعنى لا ينافي نزول الماء من السماء لانه بمعنى نزول أمره من السماء .
و يدل عليه قوله تعالى : ( و أنزلنا الحديد فيه بأس شديد و منافع للناس ) ( 2 ) فانه لم يتوهم أحد ، و لا ينبغي أن يتوهم نزول نفس الحديد من السماء .
و من جملة الآيات الدالة على ما ادعيناه من نزول المياه بأجمعها من السماء : قوله تعالى : ( و ان من شيء إلا عندنا خزائنه و ما ننزله إلا بقدر معلوم ) ( 3 ) و قوله تعالى : ) ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الارض ) ( 4 ) و قوله تعالى : ( و أنزلنا من السماء ماء بقدر فاسكناه في الارض و إنا على ذهاب به لقادرون ) ( 5 ) إلى غير ذلك من
1 - ففي البرهان المجلد 3 ص 112 عن تفسير علي بن إبراهيم ما هذا نصه : ( ثم قال : و عنه و أنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الارض .
فهي الانهار و العيون و الآبار ) و لا يرد عدم اشتمال الرواية على ماء البحر ، فانه انما يتشكل من الانهار ، فلا يكون قسما آخر في مقابلها .
2 - الحديد 57 : 25 .
3 - الحجر 15 : 21 .
4 - الزمر 39 : 21 .
5 - المؤمنون 23 : 18 )