و ( أما ثانيا ) ) : فلانها على تقدير ان تكون مشتملة على كلمة ( خرء ) لا تقتضي ما ذهب اليه ، لانه لم يثبت أن قوله ( هو مما يؤكل لحمه ) علة للحكم المتقدم عليه أعني عدم البأس بخرء الخطاف ، و من المحتمل أن يكون قوله هذا ، و ما تقدمه حكمان بينهما الامام ( ع ) من صلة بينهما بل الظاهر أنه علة للحكم المتأخر عنه أعني كراهة أكله أي الخطاف يكره أكله ، لانه و إن كان مما يؤكل لحمه إلا أنه يكره أكله لانه استجار بك ، و في جملة ( و لكن كره أكله ) شهادة على أن قوله هو مما يؤكل لحمه مقدمة لبيان الحكم الثاني كما عرفت فهذا الاستدلال ساقط .
و أما ما ذكروه وجها لتقديم الحسنة على الموثقة فهو أيضا لا يرجع إلى محصل : أما الترجيح بانها أشهر فقد ذكرنا في محله أن الشهرة بمعنى الوضوح و الظهور ليست من المرجحات ، و إنما هي تلغي الرواية الشاذة عن الاعتبار رأسا ، و هي بهذا المعنى متحققة في المقام لان الشهرة في أخبار النجاسة ليست بمثابة تلغي أخبار الطهارة عن الاعتبار ، لانها أخبار آحاد لا تتجاوز ثلاث أو أربع روايات .
و أما الترجيح بموافقة الكتاب و السنة بدعوى : أن ما دل على نجاسة بول الطير موافق للسنة أعني المطلقات الدالة على نجاسة البول مطلقا ففيه ، ( أولا ) : أن المطلقات منصرفة إلى بول الآدمي ، و معه لا يبقى لها عموم حتى يوافقه ما دل على نجاسة بول الطير .
و ( ثانيا ) لو لم نبن على الانصراف فأيضا لا تكون موافقة السنة مرجحة في أمثال المقام ، لان موافقة الكتاب و السنة إنما توجب الترجيح فيما إذا كان عمومها لفظيا .
و أما إذا كان بالاطلاق و مقدمات الحكمة فلا فلا أثر لموافقتهما ، لان الاطلاق ليس من الكتاب و السنة فالموافقة معه ليست موافقة لهما .