و أما أن الاتيان به بغاية التهيؤ للصلاة مشروع و صحيح فلا يكاد يستفاد منها بوجه .
على أنا لو سلمنا دلالتها على مشروعية الوضوء للتهيؤ قبل وقت الصلاة فلماذا خصصوا استحبابه بما إذا أتى به قريبا من الوقت ؟ لانه على ذلك لا فرق في استحبابه - للتهيؤ - بين الاتيان به قريبا من الوقت أم بعيدا عنه كما إذا توضأ أول طلوع الشمس - مثلا - للتهيؤ لصلاة الظهر .
و قد يستدل على ذلك بالمرسل المروي عن الذكرى من قولهم ( ع ) و ما وقر الصلاة من اخر الطهارة لها حتى يدخل وقتها ( 1 ) و هي بحسب الدلالة ظاهرة و لكنها ضعيفة بحسب السند .
أللهم إلا أن يقال إن اخبار من بلغ تدلنا على استحباب نفس العمل الذي قد بلغ فيه الثواب ، أو على استحباب إتيانه رجاء .
و قد عرفت عدم دلالتها على الاستحباب الشرعي في محله فليلاحظ .
فالصحيح أن يستدل على مشروعية الوضوء للتهيؤ قبل الوقت بإطلاق قوله عز من قائل : إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا .
( 2 ) نظرا إلى أن القيام نحو الشيء - على ما يستعمل في اللغة العربية أيضا - إنما هو الاستعداد و التهيؤ له ، و قد دلت الآية المباركة على أن من تهيأ للصلاة شرع له الوضوء أعني الغسلتين و المسحتين .
و مقتضى اطلاقها عدم الفرق في ذلك بين القيام لها قبل الوقت أو بعده نعم يختص ذلك بما إذا أتى بالوضوء قريبا من وقت الفريضة ، لعدم صدق القيام لها في مثل ما إذا توضأ في أول الصبح - مثلا - تهيؤا
1 - المروية في الباب 4 من أبواب الوضوء من الوسائل . 2 - المائدة : 5 : 6 .