و يكشف عن ذلك على وجه الصراحة : صحيحة محمد بن مسلم حيث عقب الجملة المتقدمة بقوله : " فقد فعل احد الطهورين " ، اذن لا وجه لتوهم كون التيمم بدلا عن الوضوء في الطهور .
و حيث أن الوضوءات المستحبة المذكورة ليست بطهور لعدم كونها مبيحة و لا رافعة فلا دليل على قيام التيمم مقامها ، و به يشكل الحكم بجوازه بدلا عنها و ان صرح الماتن بصحته فتختص بدلية التيمم بالوضوءات الرافعة للحدث حقيقة كما إذا بنينا على أن التيمم رافع للحدث كما هو الصحيح ، أو تنزيلا كما إذا قلنا بأنه مبيح لانه منزل منزلة الطهارة حينئذ .
و أما الكون على الطهارة - الذي قوينا استحبابه و قلنا ان البقاء على الطهارة أمر مستحب مرغوب فيه في الشريعة المقدسة لان الله يحب التوابين و يحب المتطهرين - فلا مانع من التيمم بدلا عن الوضوء المذكور لانه امر مستحب و طهارة مندوبة على ما بنينا .
و أما الاغسال فلا شبهة في قيام التيمم مقام الواجب منها لانه طهور و الصعيد طهور أيضا ، و اما الاغسال المستحبة كغسل يوم الجمعة و يوم عرفة و نحوهما فهل يقوم التيمم مقامها و يسوغ الاتيان به بدلا عنها أم لا يسوغ ؟ نقول : أن هناك جهتين للاغسال المستحبة : جهة كونها امرا مستحبا في نفسه و مرغوبا فيه في الشريعة المقدسة .
و لا يقوم التيمم مقامها من هذه الجهة لانه انما يقوم مقام الطهور من الوضوء و الغسل على ما تقدم فهو طهور ترابي بدل عن الماء في الطهورية و أما بدليته في الاستحباب النفسي فلم تثبت بدليل .