محصول فی علم الأصول

جعفر سبحانی تبریزی

نسخه متنی -صفحه : 509/ 202
نمايش فراداده

إنّ جنوح الأشعري إلى مغايرة الطلب للإرادة لم يكن إلاّلأجل إصلاح عقيدة أهل الحديث بقدم القرآن و أنّ التكلّم وصف ذاتي له سبحانه، قديم مثل سائر الصفات، و هو غير العلم و الإرادة. و لمّا كان القول بذلك بظاهره باطلاً بالبداهة لأنّ القرآن كلمات و حروف و أصوات وهي كلّها أُمور تدريجية، حادثة بالذات، ذهب الشيخ الأشعري إلى تصحيح القول بقدم كلامه باختراع الكلام النفسي أو بأخذه من الكُلاّبيين(1)، في مقابل الكلام اللفظي، فقال بحدوث اللفظي، وقدم النفسي، و هو غير العلم في الإخبار وغير الإرادة والكراهة في الإنشاء، لأنّالمفروض أنّ التكلم وصف له وراء كونه مريداً وعالماً فلابدّأن يكون غيرهما، و لأجل إفهام أنّ وراء الإرادة شيء في الإنشاء، التجأ إلى القول بمغايرة الطلب للإرادة، و لما لم يجد اسماً خاصاً له في الإخبار، ولا في النواهي ولا في سائر أقسام الإنشاء من التمنّي والترجّي والاستفهام، اكتفى منها بالكلام النفسي. فتصوير مثل هذا النزاع لفظياً، عجيب جدّاً، منشؤه عدم الرجوع إلى مظانّالمسألة في كتب القوم.

ما معنى كونه متكلّماً

قد عرفت مذهب الأشاعرة و المعتزلة في معنى كونه تعالى متكلّماً، ولا بدّ من

(1) ابن كلاب من نابتة الحشوية و هو عبد الله بن محمد بن كُلاّب القطّان و له مع عباد بن سلمان مناظرات و كان يقول: إنّ كلام الله هو الله، و كان عباد يقول: إنّه نصراني بهذا القول، قال أبو العباس البغوي دخلنا على «فثيون» النصراني و كان دار الروم بالجانب الغربي فجرى الحديث إلى ان سألته عن ابن كلاب فقال: رحم الله عبد الله كان يجيئني فيجلس تلك الزاوية وأشار إلى ناحية من البيعة، وعنّي أخذ هذا القول ولو عاش لنصّرنا المسلمين (الفهرست لابن النديم:230).و من يعلم أنّغائلة كون التكلم من صفات الذات أو من الفعل قد تسرّب إلى المسلمين من النصرانيين و العامل له هو عبدالله بن كلاب.

والعجب انّابن النديم ذكر أبا الحسن الأشعري و تلميذيه « الدمياني» و «حمويه» بعد ابن كُلاّب مشعراً بوجود الصلة بين الرجلين في التفكر و الرأي.