يقال: اليوم متقدّم على الغد، مع عدم وجود الطرف الآخر حين التوصيف بالتقدّم.
قلت: إنّالتقدّم له معنيان، أحدهما التقدّم الواقعي، و يقال له واقع التقدّم، و الآخر التقدم الإضافي. والذي يطلق على «اليوم» أنّه مقدّم، يريد منه المعنى الأوّل لا الثاني، إذ لا وجود للإضافة مع عدم المضاف إليه، و إنّما يتّصف بالتقدّم الإضافي، إذا كان المضاف إليه موجوداً واقعاً. وبالجملة فاليوم متقدّم بالسبق الحقيقي، لا بالسبق الإضافي. والسبق الحقيقي لا يزيد عن أصل وجوده شيئاً.
فإن قلت: إنّ المتفرّقات في وعاء الزمان مجتمعات في وعاء الدهر فلو كانت الإجارة شرطاًلوجودها الدهري فهو والعقد، مجتمعان لا متفرّقان.
قلت: إنّالقاعدة المزبورة قاعدة فلسفية محكمة في بابها و لكن لا صلة لها بباب العقود التي أخذت موضوعاً بوجودها الزماني فلو قيل بشرطية الإذن، يراد اجتماعه مع العقد زماناً لا دهراً.
أضف إلى ذلك: أنّالالتزام بكون الشرط هوالتعقّب، خلاف ظاهر الأدلّة، فإنّ ظاهرها أنّالشرط هو نفس الإجازة، لا الإضافة الحاصلة بينها و بين العقد.
وقد تفطّن المحقّق النائينيرحمه الله إلى هذا الإشكال فانبرى للدفاع عنه، فجوّز انتزاع العناوين و إن لم يتحقّق الطرف الآخر، قائلاً بأنّها إنّما تنتزع عمّا تقوم به، وليس للطرف الآخر دخل في انتزاعها عن منشأ انتزاعها أصلاً، مثل الأُبوة والبنوة، ينتزع كلّمنهما عن شخص باعتبار حيثية قائمة به، لا عنه و عن الآخر. فتوهّم أنّ عنوان السبق إنّما ينتزع عن السابق باعتبار دخل الأمر اللاحق فيه، مدفوع بأنّالسبق إنّما ينتزع عن نفس السابق بالقياس إلى ما يوجد بعد ذلك و كذا