تنقیح فی شرح العروة الوثقی

السید ابوالقاسم الخوئی؛ مقرر: علی الغروی التبریزی

نسخه متنی -صفحه : 429/ 17
نمايش فراداده

بالعلم الاجمالي أو بالاحتمال و لاجله قد استقل العقل بلزوم تحصيل العلم بالفراغ و هو لا يتحصل إلا بالاحتياط أو بتحصيل العلم بالاحكام من دون متابعة الغير - كما في الاجتهاد - أو بمتابعته - كما في التقليد - حيث أن المكلف بتركه تلك الطرق يحتمل العقاب في كل ما يفعله و يتركه لاحتمال حرمته أو وجوبه و العقل مستقل بوجوب دفع الضرر المحتمل بمعنى العقاب .

و من البديهى أن المجتهد أعنى من له ملكة الاستنباط من أن يستنبط و يتصدى لتحصيل الحجة و لا في حكم واحد كغيره يحتمل العقاب في كل من أفعاله و تروكه و معه لابد له ايضا إما أن يكون مجتهدا أو مقلدا أو يحتاط .

و بهذا ينكشف أن الاجتهاد الذي يعد عدلا للتقليد و الاحتياط ليس هو بمعنى الملكة ، و انما معناه تحصيل الحجة على الحكم الشرعي بالفعل اعنى العمل و الاستنباط الخارجيين لانه المؤمن من العقاب و لا اثر في ذلك للملكة و توضيحه : أن ملكة الاجتهاد ملكة السخاوة و الشجاعة و نحوهما من الملكات إذ الملكة في مثلهما انما يتحقق بالعمل و بالمزاولة كدخول المخاوف و التصدى للمهالك فان بذلك يضعف الخوف متدرجا و يزول شيئا فشيئا حتى لا يخاف صاحبه من الحروب العظيمة و غيرها من الامور المهام فترى انه يدخل الامر الخطير كما يدخل داره .

و كذلك الحال في ملكة السخاوة فان بالاعطاء متدرجا قد يصل الانسان مرتبة يقدم غيره على نفسه فيبقى جائعا و يطعم ما بيده لغيره و المتحصل أن العمل في أمثال تلك الملكات متقدم على الملكة .

و هذا بخلاف ملكة الاجتهاد لانها إنما يتوقف على جملة من المبادي و العلوم كالنحو و الصرف و غيرهما و العمدة علم الاصول فبعد ما تعلمها الانسان تحصل له ملكة الاستنباط و ان لم يتصد للاستنباط و لا في حكم واحد ، إذا العمل اى الاستنباط متأخر عن الملكة فلا وجه لما قد يتوهم من أنها كسائر الملكات منفكة عن العمل و الاستنباط فمن حصلت له الملكة