فلا محالة اشتغل بالاستنباط و عليه فبمجرد حصول الملكة له يحصل له الامن عن العقاب .
بل الاستنباط كما عرفت متأخر عن الملكة من ان يكون له دخل في حصولها .
نعم تتقوى الملكة بالممارسة و الاستنباط - بعد تحققها في نفسها - لا أنها تتوقف عليه في الوجود .
إذا الاجتهاد بمعنى الملكة لا يترتب عليه الامن من العقاب و لا يكون عدلا للتقليد و الاحتياط فالصحيح أن يعرف الاجتهاد : بتحصيل الحجة على الحكم الشرعي و هو بهذا المعنى سليم عن كلتا المناقشتين المتقدمتين .
بقي شيء و هو أن المجتهد بمعنى من له الملكة قبل أن يستنبط شيئا من الاحكام هل يجوز تقليده ؟ و هل يحرم عليه تقليد الغير ؟ و هل يترتب عليه ذلك من الاحكام المترتبة على الاجتهاد أو أنها مختصة بالمجتهد الذي تصدى لتحصيل الحجة على الاحكام اعني المستنبط بالفعل و لا يعم من له الملكة إذا لم يتصد للاستنباط خارجا ؟ و لكنه بحث خارج عن محل الكلام ، لان البحث انما هو في الاجتهاد الذي هو عديل التقليد و الاحتياط و هو من أطراف الواجب التخييري .
و أما أن الاحكام المتقدمة تترتب على من له ملكة الاستنباط أو لا تترتب فيأتي عليه الكلام في البحث عن شرائط المقلد إن شاء الله .
ثم إن التعريف الذي قدمناه للاجتهاد مضافا إلى أنه سليم عن المناقشتين المتقدمتين يمكن أن تقع به المصالحة بين الاخباريين و الاصوليين و ذلك لان الفريقين يعترفان بلزوم تحصيل الحجة على الاحكام الشرعية و لا استيحاش للاخباريين عن الاجتهاد بهذا المعنى و إنما أنكروا جواز العمل بالاجتهاد المفسر باستفراغ الوسع لتحصيل الظن بالحكم الشرعي و الحق معهم لان الاجتهاد بذلك المعنى بدعة و لا يجوز