تنقیح فی شرح العروة الوثقی نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
بالعلم الاجمالي أو بالاحتمال و لاجله قد استقل العقل بلزوم تحصيل العلم بالفراغ و هو لا يتحصل إلا بالاحتياط أو بتحصيل العلم بالاحكام من دون متابعة الغير - كما في الاجتهاد - أو بمتابعته - كما في التقليد - حيث أن المكلف بتركه تلك الطرق يحتمل العقاب في كل ما يفعله و يتركه لاحتمال حرمته أو وجوبه و العقل مستقل بوجوب دفع الضرر المحتمل بمعنى العقاب .و من البديهى أن المجتهد أعنى من له ملكة الاستنباط من أن يستنبط و يتصدى لتحصيل الحجة و لا في حكم واحد كغيره يحتمل العقاب في كل من أفعاله و تروكه و معه لابد له ايضا إما أن يكون مجتهدا أو مقلدا أو يحتاط .و بهذا ينكشف أن الاجتهاد الذي يعد عدلا للتقليد و الاحتياط ليس هو بمعنى الملكة ، و انما معناه تحصيل الحجة على الحكم الشرعي بالفعل اعنى العمل و الاستنباط الخارجيين لانه المؤمن من العقاب و لا اثر في ذلك للملكة و توضيحه : أن ملكة الاجتهاد ملكة السخاوة و الشجاعة و نحوهما من الملكات إذ الملكة في مثلهما انما يتحقق بالعمل و بالمزاولة كدخول المخاوف و التصدى للمهالك فان بذلك يضعف الخوف متدرجا و يزول شيئا فشيئا حتى لا يخاف صاحبه من الحروب العظيمة و غيرها من الامور المهام فترى انه يدخل الامر الخطير كما يدخل داره .و كذلك الحال في ملكة السخاوة فان بالاعطاء متدرجا قد يصل الانسان مرتبة يقدم غيره على نفسه فيبقى جائعا و يطعم ما بيده لغيره و المتحصل أن العمل في أمثال تلك الملكات متقدم على الملكة .و هذا بخلاف ملكة الاجتهاد لانها إنما يتوقف على جملة من المبادي و العلوم كالنحو و الصرف و غيرهما و العمدة علم الاصول فبعد ما تعلمها الانسان تحصل له ملكة الاستنباط و ان لم يتصد للاستنباط و لا في حكم واحد ، إذا العمل اى الاستنباط متأخر عن الملكة فلا وجه لما قد يتوهم من أنها كسائر الملكات منفكة عن العمل و الاستنباط فمن حصلت له الملكة