ثم إن المناسب للبحث في المقام إنما هو خصوص الحكم الاول دون الثاني و الاخير لانهما يناسبان بحثى التقليد و القضاء حيث يقع فيهما الكلام في أن القاضي و من يرجع إليه في التقليد هل يعتبر أن يكونا مجتهدين بالفعل أو يكفى كونهما ذا ملكة الاجتهاد و إن لم يستنبطا و لو حكما واحدا .و كذا نتكلم في أن المتجزي في الاجتهاد هل ينفذ قضائه و يجوز أن يتصدى للامور الحسبية و أنه هل يجوز تقليده أو أن القاضي و من يرجع إليه في التقليد يعتبر أن يكونا مجتهدين مطلقين ؟ إلا أنا في المقام نشير إلى هذين البحثين أيضا على نحو الاختصار فنقول : لا ريب و لا إشكال في أن المجتهد المطلق الذي قد استنبط جملة وافية من الاحكام يحرم عليه الرجوع إلى فتوى غيره و يجوز أن يراجع إليه في التقليد و يتصدى للقضاء و يتصرف في أموال القصر و نحوه و هذا القسم من الاجتهاد هو القدر المتيقن في ترتب الاحكام المذكورة عليه .و إنما الكلام في من له الملكة المطلقة إلا أنه لم يتصد للاستنباط أصلا أو استنبط شيئا قليلا من الاحكام و في المتجزي الذي يتمكن من استنباط بعض الاحكام دون بعض إذا استنبط جملة منها بالفعل فالبحث يقع في مرحلتين : 1 - الاجتهاد بالقوة و الملكة و الكلام فيه من جهات : " الاولى " : في جواز رجوعه إلى الغير ." الثانية " : في جواز الرجوع إليه ." الثالثة " : في نفوذ قضائه و جواز تصديه للامور الحسبية ." أما الجهة الاولى " : فلا يترتب على البحث عنها أية ثمرة إلا بالاضافة إلى نفس من له الملكة ليفتى في تلك المسألة بالحرمة أو الجواز و ذلك لان صاحب