و الذي ينبغى ان يقال في المقام : ان الاورعية ليست مرجحة في الفتويين المتعارضتين و ذلك اما مع التمكن من الاحتياط فلان الادلة كما تقدم لا تشمل شيئا من المتعارضين فالفتويان ساقطتان عن الحجية و وظيفة العامي حينئذ هو الاحتياط اذ مع عدم حجية المتعارضين لا معنى للترجيح بالاورعية لانه لا حجة حتى ترجح احداهما على الاخرى ، و إنما وجب الاحتياط لانه مما يستقل به العقل في اطراف العلم الاجمالى المنجز للواقع .و اما مع عدم التمكن من الاحتياط فقد يقال : إن المتعين هو العمل بفتوى الاورع من المجتهدين المتساويين في الفضيلة و ذلك لدوران الامر في الحجية بين التعيين و التخيير فان فتوى كل منهما اما حجة تخييرية اوان فتوى الاورع حجة تعيينية و مقتضى القاعدة هو الاخذ بما يحتمل تعينه و هو فتوى الاورع في محل الكلام ، لان العمل بها معذر يقينا .و أما العمل بفتوى الاورع فلم يعلم كونه معذرا على تقدير الخلاف لاجل الشك في حجيتها و هو يساوق القطع بعدم الحجية كما مر .و ناقش في ذلك بعض مشايخنا المحققين " قد هم " بما حاصله ان القاعدة انما تقتضي الاخذ بما يحتمل تعينه فيما إذا استند احتمال التعيين إلى اقوائية الملاك في أحدهما عن الملاك في الآخر كما في الاعلمية اذ الملاك في حجية الفتوى و النظر هو العلم و الفقاهة و هما في الاعلم أقوى منهما في الاعلم و الاصل يقتضى التعيين في مثله و أما إذا كان احتمال التعيين مستندا إلى امر خارج عن الملاك و لم يستند إلى اقوائيته في أحدهما فلا يقتضى الاصل فيه التعيين لتساويهما فيما هو ملاك الحجية على الفرض و الامر في المقام كذلك ، إذ الملاك في حجية الفتوى هو العلم و هو امر مشترك فيه بين الاورع و غيره ، و كون أحدهما آتيا بصلاة الليل - مثلا - أو متورعا في الشبهات لا ربط له بما هو الملاك في الحكم بحجية نظره و فتواه فمثله لا يمكن ان يكون مرجحا في مقام الحجية ابدا .